للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنه لا يصح واحد من العقدين، لأنهما مختلفا الحكم، إذ الإجارة والسلم يختلفان في أسباب الفسخ والانفساخ، وكذا الإجارة والبيع يختلفان في الحكم، فإن التَّأقيت شرط في الإِجَارة ومبطل للبيع، وكمال القبض في الإجارة لا يتحقَّق إلا بانقضاء المدة، لأنه قبل ذلك يعرض الانفساخ بخلاف البيع، وإذا اختلفت الأحكام فربما يعرض ما يوجب فسخ أحدهما، فيحتاج إلى التوزيع وتلزم الجَهَالة.

وأصحهما: أنهما جميعاً صحيحان؛ لأن كل واحد منهما قابل للعقد الذي أورده عليه على الانفراد، فالجمع بينهما لا يضر، واختلاف الحكم لا أثر له، ألا ترى أنه لو باع شِقْصاً من دار وثوباً يجوز، وإن اختلفا في حكم الشّفْعة واحتجنا إلى التوزيع بسببه؟. وصورة الإجارة والسلم: أن يقول: أجرتك هذه الدار سنة، وبعتك كذا سلماً بكذا. وصورة الإجارة والبيع: أن يقول: بعتك عبدي هذا، وأجرتك داري سنة بكذا، وعلى القولين ما إذا جمع بين بَيْع عين وسلم، أو بيع وصرف وغيره، بأن باع ديناراً أو ثوباً بدراهم لاختلاف الحكم، فإنّ قبض رأس المال شرط في السلم، والتقابض شرط في الصرف، ولا يشترط ذلك في سائر البيوع.


= منجماً على أقساط معلومة بينهما فإنه قد جمع بين إجارة وسلم والمسلم يكون في أجناس وفي جنس إلى آجال ومع ذلك فالنص وطريقة الجمهور صحة الخلع من غير تخريج على القولين لأنه لا يمكن أن يخالع على الإرضاع ثم يخالع على الإطعام المذكور لفوات العصمة بالخلع الأول، فتفريق الخلع غير ممكن وتفريق البيع والإجارة هنا ممكن.
الثالث: أن يكون الاختلاف في الموضوع لا في العارض ليخرج ما لو باع شقصاً ومنقولاً كثوب فإنه يصح قطعاً لأن موضوع العقد فيهما واحد، وإنما جاء الاختلاف من أمر خارج عنه وبه يعلم غلط من أورده على إطلاق الرافعي الاختلاف. فإنه ليس المراد مطلق الأحكام بل أسباب الفسخ والانفساخ وبأن الدارمي صرح بجريان القولين فيهما كما سبق. نعم لو اشترى شقصاً مشفوعاً وسيفاً والمشتري باعهما قبل أخذ الشفيع بالشفعة كان في بيعه القولان كما قاله الإمام لأن بيعه يشتمل على ما ينتقض وما لا ينتقض، وينبغي تنزيل إطلاق الدارمي على هذه الصورة وهو أولى.
الرابع: أن لا يكون مع الاختلاف اتفاق في الأثر الذي يترتب عليه المقصود ليخرج بذلك ما إذا خلط ألفين له بألف لغيره وشاركه على أحدهما وفارضه على الآخر فإنه يصح قطعاً ولا يتخرج على القولين.
الخامس: أن لا يكون أحد العقدين غير متأثر بفساد عوضه ليخرج الجميع بين النكاح والبيع فإن النكاح يصح قطعاً على المشهور.
السادس: أن يكون المخاطب بالعقدين أهلاً لهما في الجملة ليخرج ما إذا كاتب عبده وباعه شيئاً بعوض مقسط بقسطين فصاعداً، فإن البيع باطل. والكتابة تصح على المذهب فيهما وإنما قلنا في الجملة ليخرج بذلك مسألة المزج في الرهن فإنهما يصحان لتأهل المتعاقدين لهما في الجملة لأن الرهن من مصالح البيع والقرض فاغتفر من وجه كما يغتفر شرطه بخلاف البيع مع الكتابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>