ولو جمع بين البَيْع والنِّكاح، بأن قال: زوجتك جاريتي هذه، وبعتك عبدي هذا بكذا، والمخاطب ممن يحل له نكاح الأمة، أو قال: زوجتك ابنتي وبعتك عبدها، وهي صغيرة أو كبيرة وكَّلته بالبيع صح النكاح بلا خلاف، وفي البيع والمسمى في النكاح القولان، إن صححنا وزع المسمى على قيمة المبيع ومهر مثل المرأة، وإلاَّ وجب في النكاح مهر المثل.
ولو جمع بين البيع والكتابة، بأن قال لعبده: كاتبتك على نجمين وبعتك عبدي، هذا جميعاً بألف، فإن حكمنا بالبطلان في الصورة السابقة فهاهنا أولى، وإلاَّ فالبيع باطل، إذ ليس للسيد البيع منه قبل أداء النجوم، وفي الكتابة قولان.
واعلم: أن من الأصحاب من لا يعد هذا الفصل من صور تفريق الصفقة، لأنا في قول نبطل العقدين جميعاً، وفي قول نصححهما جميعاً، فلا تفريق -والله أعلم-.
قال الرافعي: لما كان محل القولين في مسائل الباب ما إذا اتحدت الصَّفقة دون ما إذا تعددت، حتى لو باع ماله في صفقة واحدة ومال غيره في صفقة أخرى صحت الأولى بلا خلاف، وجب النظر في أنها متى تتحدد؟ ومتى تتعدد؟ فإذا سمى لكل واحد من الشيئين ثمناً مفصلاً، فقال: بعتك هذا بكذا وهذا بكذا، وقبل المشتري كذلك على التفصيل، فهما عقدان متعددان، ولو جمع المشتري في القبول فقال: قبلت فيهما فكذلك على المذهب؛ لأن القبول يترتب على الإيجاب، فإذا وقع ذلك مفرقاً فكذلك القبول. وقيل: إن لم نجوز تفريق الصفقة لم يجز الجمع في القبول.
وتتعدد الصَّفقة أيضاً بتعدُّد البَائع، وإن اتَّحد المشتري والمعقود عليه كما إذا باع رجلان عبداً من رجل صفقة واحدة، وهل تتعدد بتعدد المشتري، مثل أن يشتري رجلان عبداً من واحد؟ فيه قولان: أصحهما: نعم، كما في طرف البائع.
والثاني: لا؛ لأن المشتري يبني على الإيجاب السابق، فالنظر إلى من صدر منه الإيجاب، والقولان على ما ذكر الإمام مأخوذان من قولين يأتي ذكرهما في أن المُشْتريين إذا وجدا بالعبد عيباً، وأراد أحدهما إفراد نصيبه بالرد، هل له ذلك؟ إن قلنا: نعم، عددنا الصفقة، وإلاّ فلا، وللتعدد والاتحاد وراء ما نحن فيه آثار أخر.
منها: أنا إذا حكمنا بالتعدد، فوفى أحد المشتريين نصيبه من الثمن، وجب على البائع تسليم قسطه من المبيع كما يسلم المشاع، وإنْ حكمنا بالاتِّحاد لم يجب تسليم شيء إلى أحدهما، وإن وفي جميع ما عليه حتى يوفى الآخر لثبوت حَقِّ الجنس للبائع،