للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحداهما: فضل ماء الجنب والحائض طهور ولا كراهية في استعماله وقال: أحمد لا يجوز للرجل أن يتوضأ بفضل ما استعملته المرأة إذا خلت بالماء، واستعملت بعضه، لنا ما روي عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كُنْتُ أَغْتَسِل أَنا وَرَسُول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنَ الْجَنَابَةِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ" (١) تختلف أيدينا فيه قال إمام الحرمين: لو فسر فضل ماء الحائض والجنب بما لم يمساه من الماء فلا يتخيل امتناع استعماله، والذي يتوهم فيه الخلاف ما مسه بدن الجنب والحائض على وجه لا يصير الماء به مستعملاً ولهذا استدل الشافعي -رضي الله عنه- في الباب بأخبار تدل على طهارة بدنهما.

الثانية: يجوز للجنب أن يجامع ثانياً، وأن ينام ويأكل ويشرب لكن يستحب أن لا يفعل شيئاً من ذلك إلا بعد غسل الفرج، والوضوء كما [يتوضأ] (٢) به للصلاة، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ" (٣) وروي أنه قال: "إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُعَاوِدَ فَليَتَوَضَّأ بَيْنَهُمَا وُضُوءاً" (٤)، والمقصود منه التنظيف ودفع الأذى.

وأعلم أن كلامه في الكتاب يشعر بتخصيص الوضوء وغسل الفرج بالجماع أو تخصيص غسل الفرج به، واستحباب الوضوء بغير الجماع؛ لأنه قال: "لا بأس للجنب أن يجامع ويأكل ويشرب لكن يستحب له أن يتوضأ وضوءه للصلاة ويغسل فرجه عند الجماع"، فإن كان قوله: "عند الجماع" راجعاً إلى جميع ما وصفه بالاستحباب فهو تخصيص للوضوء، وغسل الفرج معاً بالجماع، وإلا فهو راجع إلى غسل الفرج المذكور أخيراً.

وفيه تخصيص لغسل الفرج بالجماع لكن ليسا ولا واحداً منهما مما يختص استحبابه بالجماع، بل هما مستحبان في الأكل والشرب والنوم أيضاً، كذلك ذكره في التهذيب وغيره، وقد روي عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: يا رسول الله أيرقد أحدنا وهو جنب قال: "نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ أحَدُكُمْ فَلْيَرْقُد" (٥) ويروى عنه أنه قال: "اغْسِلْ ذَكَرَكَ وَتَوَضَّأْ ثُمَّ نَمْ" (٦).


(١) أخرجه البخاري (٢٥٠ - ٢٦١) ومسلم (٣١٩).
(٢) في ط يؤتى.
(٣) أخرجه البخاري (٢٨٨) ومسلم (٣٠٥ - ٣٠٧).
(٤) أخرجه مسلم (٣٠٨) من رواية أبي سعيد الخدرى، والبيهقي في السنن (١/ ٢٠٣).
(٥) أخرجه البخاري (٢٨٧ - ٢٨٩) ومسلم (٣٠٦) من حديث عبد الله بن عمر، انظر التلخيص (١/ ١٤١ - ١٤٢).
(٦) أخرجه البخاري ومسلم، انظر التلخيص (١/ ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>