قال الرافعي: لما فرغ من الكلام في موجبات الجنابة وأحكامها، تكلم في كيفية الغسل والقول في كيفيته يتعلق بالأقل والأكمل، أما الأقل فهو شيئان:
أحدهما: النية فهي واجبة عندنا خلافاً لأبي حنيفة، كما في الوضوء وقد ذكرنا مسائل النية في الوضوء ونظائرها في الغسل تقاس بها فلا يجوز أن تتأخر النية عن أول الغسل المفروض، كما لا يجوز أن تتأخر في الوضوء عن أول غسل الوجه، وإن حدثت مقارنة لأول الغسل المفروض صح الغسل لكنه لا ينال ثواب ما قبله من السنن على ما سيأتي بيانها، وإن تقدمت على أول غسل مفروض وعزبت قبله فوجهان كما سبق في الوضوء، ثم إن نوى رفع الجنابة أو رفع الحدث عن جميع البدن أو نوت الحائض رفع حدث الحيض صح الغسل، وإن نوى رفع الحدث مطلقاً، ولم يتعرض للجنابة ولا غيرها صح غسله أيضاً على أظهر الوجهين. [لأن الحدث عبارة عن المانع من الصلاة وغيرها على أي وجه فرض.
ولو نوى رفع الحدث الأصغر فإن تعمد لم يصح غسله على أظهر الوجهين] (١) وإن غلط فظن أن حدثه الأصغر لم ترتفع الجنابة عن غير أعضاء الوضوء وفي أعضاء الوضوء وجهان:
أحدهما: لا ترتفع عنها أيضاً، لأن الجنابة أغلظ ولم يقصد رفعها.
وأظهرهما: أنها ترتفع عن الوجه واليدين والرجلين، لأن غسل هذه الأعضاء واجب في المحدثين، فإذا غسلها بنية غسل واجب كفى، ولا يرتفع عن الرأس في أصح الوجهين، لأن فرض الرأس في الوضوء المسح فالذي نواه إنما هو المسح، والمسح لا يغنى عن الغسل أما إذا نوى المغتسل استباحة فعل نظر إن كان مما يتوقف على الغسل كالصلاة والطواف وقراءة القرآن فالحكم على ما سبق في الوضوء، ومن هذا القبيل ما إذا نوت الحائض استباحة الوطء في أصح الوجهين:
والثاني: أن غسلها بهذه النية لا يصح للصلاة، وما في معناها كغسل الذمية عن الحيض لتحل للزوج، وإن لم يتوقف الفعل المنوي على الغسل [نُظر، إن لم يستحب له الغسل لم تصح نية استباحته: وإن كان يستحب له الغسل](٢) كالعبور في المسجد،