للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الروياني وجهاً آخر أنه يلزم قطعها (١).

قال الغزالي: وَالْأَكْمَلُ أَنْ يَغْسِلَ مَا عَلَى بَدَنِهِ مِنْ أَذىً أَوَّلاً ثم يَتَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْدِثًا وَيُؤَخِّرَ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ إِلَى آخِرِ الغُسْلِ فِي أَحَدِ القَوْلَيْنِ، ثُمَّ يَتَعَهَّدَ مَعَاطِفَ بَدَنِهِ ثُمَّ يُفِيّضَ المَاءَ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ يُكَررَ ثَلاَثًا ثُمَّ يَدْلُكَ، وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا تَسْتَعْمِلُ فُرْصَةً مِنْ مِسْكٍ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا، وَمَاءُ الغُسْلِ وَالوْضُوءِ غَيْرُ مُقَدَّرٍ (ح) وَقَدْ يُرْفَقُ بِالْقَلِيلِ فَيَكْفِي وَيُخْرَق بِالكَثِيرِ فَلاَ يَكْفِي وَالرِّفقُ أَوْلى وَأَحَبُّ.

قال الرافعي: كمال الغسل [يحصل] (٢) بأمور ذكر منها ثمانية:

أحدها: أن يغسل ما على بدنه من أذى أولاً: فإن اعترض معترض فقال: الأذى المذكور إما أن يكون المراد منه الشيء القذر، أو النجاسة، وكيف يجوز الأول وقد فسر الشارحون قول الشافعي -رضي الله عنه- "ثم يغسل ما به من أذى" بموضع الاستنجاء إذا كان قد استنجى بالحجر، وهذا تفسير له بالنجاسة وكذلك فسروا لفظ الأذى في الخبر.

وإن كان الثاني فكيف عطف النجاسة على الأذى في الوسيط، والعطف يقتضي المغايرة، ثم من على بدنه نجاسة لا بد له من إزالة النجاسة أولاً ليعتد بغسله ووضوئه، وإذا كان كذلك كان غسل الموضع عن النجاسة من الواجبات لا من صفات الكمال.

الجواب قلنا: من على بدنه نجاسة لو اقتصر على الاغتسال أو الوضوء، وزالت تلك النجاسة طهر المحل، وهل يرتفع الحدث [فيه] (٣)، وجهان: حكاهما في المعتمد وغيره. فإن قلنا: بارتفاع الحدث أمكن عَدَّ إزالة النجاسة من جملة صفات الكمال ولعل من عدَّه منها صار إلى ذلك الوجه. وإن قلنا: لا يرتفع الحدث وهو الظاهر من المذهب فالأذى المحدود إزالته من جملة صفات الكمال، إنما هو الشيء المستقذر.

وأعلم أنا إذا جرينا على ظاهر المذهب وهو أنه لا يرتفع الحدث إذا كان على بدنه نجاسة حتى يغسل النجاسة أولاً ثم يغسل الموضع عن الحدث، فكما لا يصح عدّ إزالة النجاسة من كمال الغسل لا يصح عدّها من أركانه أيضاً، خلافاً لكثير من أصحابنا حيث قالوا: واجبات الغسل ثلاثة: غسل النجاسة إن كانت على البدن، والنية، وإيصال الماء إلى الشعر والبشرة.


(١) قال النووي: هذا الذي صححه هو الذي صححه صاحب (البحر)، والصحيح: أنه لا يعفى عنه لأنه يمكن قطعها بلا خلاف، وهو ظاهر نص الشافعي والجمهور، وقد أوضحته في شرح (المهذب) -والله أعلم- الروضة (١/ ٢٠٠).
(٢) في ط يجب.
(٣) سقط في ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>