للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الماء على الرأس، وإنما بفعل ذلك ليكون أبعد عن الإسْرَافِ في الماء، وأقرب إلى الثِّقة بوصول الماء.

الرابع: يفيض الماء على رأسه ثم على الشق الأيمن، ثم على الشق الأيسر، ويروى ذلك في صفة غسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (١).

الخامس: يكرر غسل البدن ثلاثاً كما في الوضوء، بل أولى، لأن الوضوء مبني على التُّخفيف، فإن كان ينغمس في الماء انغمس ثلاث مرات، وهل يستحب تجديد الغسل؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم، كما لو ضوء.

وأظهرهما: لا، لأن الترغيب في التجديد إنّما ورد في الوضوء، والغُسل ليس في معناه؛ لأن موجب الوضوء أغلب وقوعاً واحتمال عدم الشّعور به أقرب فيكون الاحتياط فيه أتمّ.

السّادس: يدلك ما وصل إليه يده من بدنه، يتبع بها الماء، والفائدة ما ذكرناه في التعهد.

وقال مالك: يجب الدّلك، لنا قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أَمَّا أَنَا فَأحْثِي عَلَى رَأسي ثَلاَثَ حَثَيَاتٍ مِنَ الْمَاءِ، فَإِذَا أنا قَدْ طَهُرْتُ" (٢). رتَّب الطَّهارة على إفاضة الماء، ولم يتعرض للدّلك.

السّابع: إذا اغتسلت الحائض تَتَعَهَّدُ أثر الدم بِمِسْكِ أَوْ طِيْب آخر، بأن تجعله على قُطْنَةٍ وتدخلها في فرجها، روى عن عائشة أن امرأة جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسأله عن الغُسْلِ من الحَيْضِ، فقال: "خُذِي فُرْصَةَ مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا"، فلم تعرف ما أراد فاجتذبتها، وقال: تتبعي بها آثار الدّم (٣)، والفرصة: القطعة من كل شيء، ذكره ثعلب، ويروى: "خُذِي فرْصَةً مُمْسِكَة".


(١) قال الحافظ: أخرجه البخاري من حديث القاسم عن عائشة بلفظ فبدأ بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر، ورواه مسلم أيضاً بنحوه، ورواه الإسماعيلي في صحيحه بلفظ فبدأ بشقه الأيمن ثم الأيسر.
(٢) تقدم.
(٣) أخرجه البخاري (٣١٤ - ٣١٥) ومسلم (٣٣٢) وقوله: (الفِرْصة) القطعة من كل شيء، وهو بكسر الفاء، وإسكان الراء، حكاه ثعلب، وقال ابن سيده: الفرصة من القطن أو الصوف مثلثة الفاء، والمسك هو الطيب المعروف، وقال عياض: رواية الأكثرين بفتح الميم وهو الجلد، وفيه نظر لقوله في بعض الروايات فإن لم تجد فطيباً غيره، كذا أجاب به الرافعي في شرح المسند، وهو متعقب، فإن هذا لفظ الشافعي في الأم، نعم في رواية عبد الرزاق: يعني بالفرصة المسك أو الذريرة. انظر التلخيص (١/ ١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>