للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا اشْتَرَى رَجُلاَنِ عَبْداً مِنْ وَاحِدٍ فَلأَحَدِهِمَا أَنْ يُفْرِدَ نَصِيبَ نَفْسِهِ بالرَّدِّ عَلَى أَصَحِّ القَوْلَيْن.

قال الرافعي: المبيع في الصّفْقة الواحدة إمَّا شيء واحد أو شيئان، فإن كان الثَّاني كما لو اشترى عبدين فخرجا مَعِيبَيْن فله ردهما، وكذا لَوْ خرج أحدهما معيباً، وأما إفراد المعيب بالرد فقد ذكرناه في "تفريق الصّفقة".

وإن كان الأول كما لو اشترى داراً أو عبداً فخرج معيباً فليس له رد بعضه، إن كان الباقي قائماً في ملكه لما فيه من تَشْقِيص ملك البائع عليه، فإن رَضِيَ البائع جاز في أصح الوجهين، وإن كان الباقي زائلاً كما إذا عرف العيب بعد بيع بعض المبيع، فقد حكى الشيخ أبو علي في رَدِّ البَاقي طريقين:

أحدهما: أنه على قولين بناء على تفريق الصَّفْقة.

وأصحهما: القطع بالمنع (١)، كما لو كان الباقي قائماً في مِلْكه، وعلى هذا فهل يرجع بالأَرْش؟

إما للقدر المبيع فكما ذكرنا فيما إذا باع الكل، وإما للقدر الباقي فوجهان:

قال في "التهذيب":

أصحهما: أنه يرجع لتعذُّر الرد، ولا ينتظر عود الزَّائل ليرد الكل، كما لا ينتظر زوال العيب الحادث، والوجهان جاريان فيما إذا اشترى عَبْدَين، وباع أحدهما ثم عرف العيب ولم نجوِّز رد الباقي، هل يرجع بالأرش؟

ولو اشترى عبدًا ومات وخلف ابنين فوجد بهما عيباً، فالأصح وهو قول ابن الحَدَّاد: أنه لا ينفرد أحدهما بالرَّد؛ لأن الصَّفقة وقعت مُتّحدة، ولهذا لو سلم أحد الابنين ونصف الثمن لم يلزم البائع تسليم النِّصف إليه. وفيه وجه: أنه ينفرد؛ لأنه رد جميع ما ملك. هذا كله فيما إذا اتَّحَد المُتَعَاقدان.

أما إذا اشترى رجل عبداَ من رجلين وخرج معيباً فله أن يفرد نصيب أحدهما بالرد؛ لأن تعدد البائع يوجب تعدُّد العقد، وأيضاً فلا يَتَشَقَّص على المردود عليه ما خرج عن ملكه.

ولو اشترى رجلان عبدًا من واحد فقولان:

أصحهما: أنَّ لأحدهما أَنْ ينفرد بالرد: لأنه رد جميع ما ملك كما ملك، وبهذا قال أحمد، وكذا مالك في رواية (٢).


(١) هذا ظاهر إذا باع ذلك لغير بائعه، أما لو باعه لبائعه فقال القاضي حسين المذهب أن له الرد وخالفه صاحباه المتولي والبغوي.
(٢) هذا الخلاف ينبني على أن الصفقة هل تتعدد بتعدد المشتري. وقد سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>