للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميع الثوب من جانبيه وهذا أحسن، لكن المَطْوي على طاقين لا يرى من جانبيه، إلاَّ أحد وجهي الثوب، وفي الاكْتِفَاء به تفصيل وخلاف قد سبق، ووراء ما ذكروه تنزيلان:

أحدهما: أن يفرض رؤية الثوب قبل الطَّي، والطي قبل البيع، ويستمر الفَرْع.

والثَّاني: أن ما ينتقص بالنَّشْر مرة ينتقص بالنَّشْر مرتين فوق ما ينتقص به مرة واحدة، فلو نشر مرة وبيع وأعيد طَيّه ثم نَشَرَهُ المشتري، وزاد النقصان بذلك انتظم الفرع، -والله أعلم-.

قال الغزالي: وَإذَا اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ رَجُلَيْنِ فَلَهُ أَنْ يُفْرِدَ (ح) أحَدُهُمَا بِرَدِّ نَصِيبِهِ،


= بعد أن خرج المبيع عن ملك البائع وكالرهن والإجارة فمثل هذا التصرف، وإن أبطل خيار الرؤية فهو كذلك يبطل حق الفسخ الثابت للمشتري قبل الرؤية إن صدر منه قبلها وبمقتضى هذا يلزم العقد في حقه ولا يكون له خيار الرؤية فيما بعد. وقد يبدو هذا عجيبًا لأول وهلة. وذلك لأن الحنفية يقررون كما سبقت الإشارة إليه أنه لو رضي بالبيع صراحة قبل الرؤية فحقه من الفسخ لا ينقطع فإذا كان هذا حال الرضا الصريح، فما بالهم أبطلوه بالرضا دلالة وهو دون الصريح؟. ولكن سرعان ما يزول هذا العجب إذا علمنا أن الحنفية يسقطون حق المشتري في الفسخ في هذه الحالة لا من حيث دلالة فعله على الرضا بدليل أنه لو تصرف تصرفاً يمكن رفعه ولا يوجب للغير حقاً وهو مع ذلك دال على الرضا بالبيع عادة كركوبه الدابة المشتراة قبل أن توصف له إذا كان أعمى، فإن حقه من الفسخ لا يسقط. وإنما يسقطونه من حيث زوال سلطنته على المبيع على وجه لا يمكن تداركه شرعاً. بيان ذلك. أن التصرف المذكور تصرف صدر عن أهله في محله لملكه للمبيع في الجملة فينفذ وبعد نفوذه يتعذر فسخه لأن الفرض أنه لا يمكن رفعه أو يوجب للغير حقاً فكان من ضرورة صحة التصرف المذكور قبل الرؤية سقوط حق المشتري في الفسخ ولزوم البيع في حقه على الدوام. أما إذا كان هذا التصرف يمكن رفعه، ولا يوجب حقاً للغير كالبيع بشرط الخيار له وكالمساومة والهبة من غير إقباض فإنه إن صدر قبل الرؤية فلا يبطل حقه في الفسخ لأنه دون الرضا الصريح والفسخ غير متعذر. وإن صدر بعد الرؤية أبطل خيار الرؤية لدلالته على الرضا بالبيع.
ثالثاً: تعيب المبيع أو هلاكه لكونه لا يعرى عن مقدمة عيب إذا ما أصابه شيء من ذلك، وهو عنده لامتناع الرد بسبب العيب وقد سبق توجيه هذا في خيار الشرط.
رابعاً: مما يبطل خيار الرؤية أيضاً عند الحنفية موت المشتري صاحب الخيار بناء على أصلهم من عدم توريث خيار الرؤية. وقصارى القول فكل ما يبطل خيار الشرط عندهم يبطل خيار الرؤية. وقد ذكروا ضابط ما يبطل خيار الشرط فقالوا -هو أن يفعل في المبيع ما لا يمحتن به أو يمتحن به ولكن لا يحل في غير ملك أو يحل ولكن فعله مرة ثانية- وليس كل ما يبطل خيار الرؤية يبطل خيار الشرط. فإنه لو قبض المبيع، وهو يراه بطل خيار الرؤية لدلالت هذا القبض عادة على الرضا، ولكنه لا يبطل خيار الشرط لأن الاختبار الذي هو مقصود من شرط الخيار لا يمكن عادة إلا مع القبض. ومن هذا يظهر أن الحنفية توسعوا فيما يبطل خيار الرؤية فراراً من تضرر البائع بثبوته للمشتري حتى يحصل منه ما يدل على الرضا بتوسعهم هنا فيما يدل عليه ينظر بقية كلام شيخنا في الخيار من الفقه الإسلامي.

<<  <  ج: ص:  >  >>