للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رد أحد البَعْضَيْن خاصّة لتعدّد الصّفقة، ولو علم بالعيب بعد العقد الأول، ولم يمكنه الرد فاشترى الباقي، فليس له رد الباقي وله رد الأول عند الإمكان، -والله أعلم-.

قال الغزالي: وَإذَا تَنَازَعَا فِي قدَمِ العَيْبِ وَحُدُوثِهِ فَالقَوْلُ قَوْلُ البَائعِ إِذَ الأَصْلُ لُزُومُ العَقْدِ فَيَحْلِفُ أَنِّي بِعْتُهُ وَأَقْبَضْتُهُ وَمَا بِهِ عَيْبٌ.

قال الرافعي: إذا وجد بالمَبِيع عيباً، فقال البائع: إنه حدث عند المشتري، وقال المشتري: بل كان عندك، نظر إنْ كان العيب ممَّا لا يحتمل حدوثه بَعْدَ البَيْع كالإِصْبُع الزائدة، وشَين الشَّجَّة المُتَدمِّلة، والبيع جرى أمس، فالقول قول المُشْتَرِي من غير يمين، وإن لم يحتمل تقدُّمه كالجِرَاحة الطَّريّة، وقد جرى البيع والقبض منذ سنة، فالقول قول البائع من غير يمين، وإنْ كان مِمَّا يحتمل حدوثه، قدمه كالبَرَص وهو المراد من مسألة الكتاب، فالقول قول البائع مع يمينه؛ لأن الأصل لزوم العَقْد واستمراره (١)، وكيف يحلف؟ ينظر في جوابه لدعوى المشتري، فإذا ادَّعى المُشْتري بأن بالمبيع عيباً كان قبل البيع أو قبل القبض، وأراد الرَّدّ فقال في الجواب: ليس له الرد علي بالعيب الذي يذكره، أَوْ لا يلزمني قبوله حلف على ذلك، ولا يكلف التَّعَرض لعدم العيب يوم البيع ولا يوم القبض لجواز أنه أقبضه معيباً وهو عالم به، أو أنه رضي به بعد البيع، لأنه لو نطق به لصار مدعياً مطالباً بالبينة، ولو قال في الجواب: ما بعته إلاَّ سليماً أو مَّا أقبضته إلاَّ سليماً، فهل يلزمه أن يحلف كذلك، أو يكفيه الاقْتِصَار على أنه لا يستحق الرَّد، أو لا يلزمني قبوله؟ ففيه وجهان:

أحدهما: أنه يكفيه الجواب المُطْلق كما لو اقتصر عليه في الجواب.

وأظهرهما: أنه يلزمه التَّعرض لما تعرض له في الجواب لتكون اليمين مطابقة للجواب، ولو كان له غرض في الاقْتِصَار على الجواب المطلق، لوجب الاقتصار عليه في الجواب، وهذا ما أورده صاحب "التهذيب" وغيره، وهذا التفصيل والخلاف جاريان في جميع الدَّعَاوَى والأجوبة.


(١) يستثنى من ذلك مسألتان:
إحداهما: إذا اختلفا بعد التفاسخ فالقول قول المشتري لأن الأصل براءة ذمته.
الثانية: إذا ادعى المشتري وجود عيبين في يد البائع فاعترف بأحدهما وادعى حدوث الآخر فالقول قول المشتري لأن الرد ثبت بإقرار البائع فلا يبطل بالشك. قاله ابن القطان في المطارحات وجعل ذلك قاعدة عامة حيث كان العيب يثبت فالقول البائع وحيث كان يبطله فالقول قول المشتري. قال ابن الرفعة: ولا بد في هاتين المسألتين من اليمين فإن نكل لم ترد على البائع لأنها إنما تزداد إذا كانت تثبت للمردود عليه حقاً ولا حق له هنا نعم لا يثبت للمشتري الرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>