إذا تقرَّر ذلك فاعلم: أنَّ لفظ الشَّافعي -رضي الله عنه- في المسألة: أن القول قول البائع مع يمينه على البَتّ لقد باعه بريئاً من هذه العيوب.
واعترض المُزَنِيّ فقال: ينبغي أنْ يحلف لقد أقبضته بريئاً من العيب؛ لأن ما يحدث قبل القبض يثبت الرد كالسابق على البَيْع.
وتكلَّم الأَصْحاب على اعتراضه بحسب الخِلاَف المذكور، فمن اعتبر كون اليمين على وفق الجواب قال: أراد الشافعي -رضي الله عنه- ما إذا ادعى المشتري عيباً سابقاً على الرد وأراد الرد به، وقال البائع في الجواب: بعته وما به هذا العَيْب فيحلف كذلك. ولو قال المُشْتَري: قبضته معيباً، ونفاه البائع في الجواب حلف كما ذكره المُزَنِيُّ، وإذا اقتصر في الجواب على أنه لا يستحقّ الرد لم يلزمه ذكر هذا ولا ذاك.
ومن قال: تكفي اليَمين على نفي الاسْتِحْقاق بكل حال، قال: لم يقصد الشَّافعي -رضي الله عنه- أن الآن على ماذا يحلف ولأي وقت يتعرض، ولكن أراد أن يبين أنه يحلف على البَتِّ، فلا يقول مثلاً: بِعْتُه وما أعلم به عيباً، ولكن يقول: بعته وما به عيب، ويجوز اليمين على البَتِّ إذا اختبر حال العبد، واطَّلع على خفايا أمره، كما يجوز بمثله الشَّهَادة على الإعسار وعدالة الشهود وغيرهما.
وعند عدم الاخْتِبار يجوز الاعتماد على ظاهر السَّلاَمة إذا لم يعرف ولا ظَنّ خلافه. وقوله في الكتاب:"بعْتُه وأقبضته، وما به عيب" محمول على ما إذا نفى في جواب المشتري العيب في الحالتين، واعتبرنا موافقة اليَمِين للجواب لفظاَ ومعنى، وَإِلاَّ فَمَدَار الرد التعيُّب عند القبض، حتى لو كان معيباً عند البيع وقد زال العيب، فلا رد له بما كان، بل مهما زال العيب قبل العلم أو بعده وقبل الرد سقط حقّ الرّد.
ولو زعم المشتري أن بالمبيع عيباً وأنكره البائع فالقول قوله (١)؛ لأن الأصل السلامة ودوام العقد، ولو اختلفا في بعض الصِّفَات أنه هل هو عيب؟ فالقول قول البائع أيضاً مع يمينه، وهذا إذا لم يعرف الحال من غيرهما.
وقال في "التهذيب": فإن قال واحد من أهل العلم به: إنه عيب ثبت الرد به.
واعتبر صاحب "التتمة" شهادة اثنين، ولو ادعى البائع علم المشتري بالعيب أو تقصيره في الرد، فالقول قول المشتري، -والله أعلم-.