للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثالثة: عرفت حكم الولد الحادث بعد البيع.

فأما إذا اشترى جارية أو بهيمة حاملاً، ثم وجد بها عيباً، فإن كانت حاملاً بعد ردِّها كذلك، وإن وضعت الحمل ونقصت بالولادة فلا رد، وإنْ لم تنقص ففي رد الولد معها قولان بناء على أَنَّ الحمل هل يعرف ويأخذ قسطاً من الثَّمَن أم لا؟ والأصح نعم، ويخرج على هذا الخلاف: أنه هل للبائع حبس الولد إلى اسْتِيفاء الثمن؟ وأنه لو هلك قبل القبض هل يسقط من الثمن بحصَّته؟ وأنه هل للمشتري بيع الولد قبل القبض؟ فإن قلنا: له قسط من الثمن جاز الحبس وسقط الثمن، ولم يُجزِ البَيْع، وإلاَّ انعكس الحكم. ولو اشترى نَخْلَة وعليها طلع غير مؤبّر، ووجد بها عيباً بعد التَّأبير، ففي الثمرة طريقان:

أظهرهما: أنه على القولين في الحَمْل تَشْبيهاً للثمرة في الكِمَام بالحمل في البطن.

والثَّاني: القطع بأنها تأخذ قسطاً من الثمن؛ لأنها مشاهدة متيقنة، ولو اشترى جارية أو بَهِيمة حائلاً فحبلت، ثم اطلع على عَيْب، فإن نَقُصَت بالحمل فلا رد إنْ كان الحمل في يد المُشْتَري، وإن لم تَنْقُص أو كان الحملَ في يد البائع فله الرد، وحكم الولد مَبْنِي على الخلاف السابق.

إن قلنا: إنَّه يعرف ويأخذ قسطاً من الثّمن يبقى للمشتري، فيأخذه إِذَا انفصل. وحكى القاضي المَاورْدِيُّ وجهاً آخر أنه للبائع لاتصاله بالأم عند الرد.

وإن قلنا: إنه لا يعرف ولا يأخذ قسطاً فهو للبائع (١)، ويكون تبعاً للأم عند


(١) قال في المهمات: ذكر في نظيره من الفلس ما يخالفه فقال: ولو كانت حائلاً عند الشراء حاملاً عند الرجوع ففي رجوع البائع في الحمل قولان والأكثرون ما يكون إلى ترجيح قول الرجوع وذكروا أنه المنصوص لأن الحامل مانع فكذا في الرجوع قال: والصواب التسوية بينهما إلى آخر ما ذكره. قال في الخادم: والفرق بين البابين من وجوه:
أحدهما: أن في الفلس التقصير من المشتري لأنه مقصر بترك توفير الثمن فناسب التغليظ عليه وأن يرجع البائع إلى متاعه وإن كان حالاً. وأما العيب فالتدليس جاء فيه من جهة البائع فهو المقصر فناسب إبقاء الحمل على ذلك المشتري.
الثاني: أن ذلك المفلس على العين غير مستقر لأنه لم يقبض الثمن بخلاف المشتري الذي لم يحجر عليه.
الثالث: أن رجوع البائع في الفلس قهري بسبب زوال المقابل بخلاف المشتري والرد بالاختيار والقهري يستتبع بخلاف غيره.
الرابع: أنا لو قلنا يرجع في الأم دون الحمل في باب الفلس لكنا قد حجرنا على البائع في ملكه لأنه لا يمكنه بيع الأم حتى تضع الحمل لأنه لا يصح بيع الحامل بحمل الغير لعدم إمكان التوزيع بخلاف المشتري فإنه حجر على نفسه بالرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>