للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصل ولا شيء على البائع بسببها (١).

وأما المنفصلة كما إذا أجر المبيع وأخد أُجْرَتَه، وكالولد والثمرة وكسب العبد ومهر الجارية إذا وطئت بالشُّبهة، فإنها لا تمنع الرد بالعيب وتسلّم للمشتري، وبه قال أحمد. وقال أبو حنيفة: الولد والثمرة يمنعان الرَّد بالعَيْب، والكسب والغَلّة لا يمنعانه، لكن إنْ رَدّ قبل القبض ردهما الأصل، وإن رد بعده بَقِيَا لَهُ.

وقال مالك: يرد مع الأصل الزِّيَادة الَّتِي هي مِنْ جنس الأصل وهي الولد، ولايرد ما كان من غير جنسه كالثمرة.

لنا ما روي: "أَنَّ مَخْلَدَ بْنَ خفَافٍ ابْتَاعَ غُلاَماً اسْتَغَلَّهُ ثُمَّ أَصَابَ بِهِ عَيْباً، فَقَضَى لَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ -رضي الله عنه- بِرَدِّهِ وَغَلَّتِهِ، فَأَخْبَرَهُ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنهما- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَضَى فِي مِثْل هَذَا أَنَّ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ، فَرَدَّ عُمَرُ -رضي الله عنه- قَضَاءَهُ، وَقَضَى لِمَخْلَد بِالْخَرَاجِ" (٢).

ومعنى الخبر: أن ما يخرج من المَبِيْع من فائدة وَغلّة، فهو للمشتري في مقابلة أنه لو تلف كان مِنْ ضَمَانه، ولا فرق بين الزَّوَائِدِ الحادثة قبل القبض، والزوائد الحادثة بعده مهما كان الرد بعد القبض، وإن كان الرد قبله ففي الزوائد وجهان بناء على أن الفسخ والحالة هذه رفع للعقد من أصله أو من حينه.

والأصح: إنها تسلم للمشتري أيضاً.

وقوله في الكتاب: "وكذلك إن حصلت قبل القبض على أقيس الوجهين"، يقتضي كون الزوائد الحاصلة قبل القبض على وجهين، وإِنْ كان الرَّد بعد القبض لكنه ليس كذلك، كذا قاله الإمام وغيره.

ومَوْضع الوجهين ما إذا كان الرد قبل القبض. فاعرف ذلك. واعلم أنه لو نقصت البَهِيمة أو الجارية بالولادة امتنع الرَّد لِلنَّقص الحادث، وإن لم يكن الوَلَدُ مانعاً، وتكلموا في إفراد الجارية بالرد، وإن لم تنقص بالولادة من جهة أنه تفريق بين الأم والولد.

فقال قائلون: لا يجوز الرد، ويتعين الأَرْش إلاَّ أن يكون الوقوف على العيب بعد بلوغ الولد ستّاً لا يحرم بعده التَّفريق.

وقال آخرون: لا يحرم التفريق هاهنا للحاجة، وسنذكر نظيره في "الرَّهْن" -إن شاء الله تعالى-.


(١) لأن الملك قد تجدد بالفسخ فكانت الزيادة المتصلة فيه مانعة الأصل قياساً على العقد.
(٢) أخرجه الشافعي (١٢٦٥) والبيهقي (٥/ ٣٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>