للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم: أن القول الثاني مَنْصُوص في الجديد، وأما الأول فمنهم من حكاه وجهاً، والأكثرون نقلوه عن نَصِّه في القديم، وعن أبي حنيفة: أن الإِقَالة فسخ في حق المُتَعَاقدين بيع في حق غيرهما.

التفريع: إن كانت بيعاً تجدّد بها الشّفْعة، وإن كانت فَسْخاً فلا، خلافاً لأبي حنيفة.

ولو تقايلا في الصّرف وجب التَّقابض في المجلس، إن كانت بيعاً وإن كانت فسخاً فلا، وتجوز الإقَالة قبل القَبْض المبيع إن كانت فَسْخاً، وإن كانت بيعاً فهي كبيع المبيع من البائع قبل القبض، وتجوز في السّلْم قبل القبض إنْ كانت فَسْخاً، وإن كانت بَيْعاً فلا، ولا تجوز الإِقَالة بعد تَلَفِ المبيع إن كانت بَيْعاً، وإن كانت فسخاً فوجهان:

أحدهما: المنع كالرَّد بالعيب.

وأصحهما: الجواز، وهو اختيار أبي زيد، كالفسخ بالتحالف، فعلى هذا يرد المشتري على البائع مثل المبيع إن كان مِثْلياً، وقيمته إن كان متقوماً.

ولو اشترى عَبْدين وتلف أحدهما، ففي الإِقَالة في الثاني وجهان بالترتيب، إذ القائم تُصَادفه الإِقَالة فيستتبع التَّالف.

وإذا تقايلا، والمبيع في يد المشتري بعد، لم ينفذ تصرف البائع فيه إن كانت بيعاً، ونفذ إنْ كانت فسخاً، فإن تلف في يده انفسخت الإِقَالة إن كانت بيعاً وبقي البيع بحاله، وإن كانت فسخاً فعلى المشتري الضَّمان؛ لأنه مقبوض على حكم العوض، كالمأخوذ قَرْضاً أو سَوْماً، والواجب فيه إن كان مُتقوّمًا أقل القَيمَتَيْن من يوم العَقْد والقبض، ولو تعيّب في يده فإن كان بيعًا تخير البائع بين أن يُجيز الإقالة ولا شيء له، وبين أَنْ يفسخ ويأخذ الثمن، فإن كان فسخاً غرم أَرْش العيب، ولو استعمله بعد الإقالة، فإن جعلناها بيعاً فهو كالمبيع يستعمله البائع، وإن جعلناها فسخاً فعليه الأُجْرة، ولو عرف البائع بالمبيع عيباً كان قد حدث في يد المشتري قبل الإقالة فلا رد له إنْ كانت فسخاً، وإن كانت بيعًا فله رده، ويجوز للمشتري حبس المبيع لاسترداد الثمن على القولين. ولا يشترط ذِكْر الثَّمن في الإِقَالة، ولا تصحّ إلاَّ بذلك الثمن، فلو زاد أو نقص فسدت وبقي البيع بحاله حتى لو أقاله على أن ينظر بالثمن، أو على أنْ يأخذ الصِّحاح عن المُكسرة لم يجز، ويجوز لِلْورثة الإقَالة بعد موت المُتَبَايعين، وتجوز الإِقَالة في بعض المبيع كما تجوز في كله.

قال الإمام هذا إذا لم تلزم جهالة.

أما إذا اشترى عبدين، وتَقَايلا في أحدهما مع بقاء الثاني لم يجز، على قولنا: إنه بيع للجهل بحصة كل واحد منهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>