للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أقضى القُضَاة المَاوِرْديّ: لا يكفي ذلك للبيع وما بَعْده، ولكن ينظر إن قصد قبضه للمشتري صح قبض البيع، ولا بد من اسْتِئْنَاف قبض لِلْهِبَة، ولا يجوز أن يأذن له في قبضه من نفسه لنفسه، وإن قصد قَبْضَه لنفسه لم يحصل القبض للبيع ولا للهبة، فإن قبضها يجب أن يتأخر عن تَمَام البيع والإقراض والتصدق، كالهِبَة والرَّهْن، ففيهما الخلاف.

وفي إِجَارة المبيع قبل قبضه وجهان:

أحدهما: يصح؛ لأن مورد عقد الإجَارة غير مورد عقد البيع، فلا يتوالى ضماناً عقدين من جنس واحد.

والثاني: لا يصح، لضعف الملك ولأن التسليم مستحق فيها كما في البيع.

والأصح عند المعظم: الثاني، وعند صاحب الكتاب الأول.

وفي تزويج المشتري الجَارَية قبل القَبْض مثل هذين الوجهين، لكن الأصح في التَّزْوِيج الصِّحَّة بالاتِّفاق، ومنهم مَنْ أشار إلى وجه ثالث فارق بين أنْ يكون للبائع حق الحبس فلايصح التَّزويج؛ لأنه نقص، وبين أنْ لا يكون فيصح، وطرد مثله في الإِجَارة إذا كانت منقصة، وإذا صححنا التَّزْويج فوطء الزَّوج لا يكون قَبْضاً.

وعن أبي حنيفة -رحمه الله-: أنه قبض، وكما لا يجوز بيع المبيع قبل القبض، لا يجوز جعله أُجْرَة في إجارة، وعوضاً في صلح، وكذا لا يجوز السّلم والإِشْرَاك والتَّوْلِية.

وعن مالك: أنه يجوز الإِشْرَاك والتَّوْلِية، وحكاه الشَّيْخ أبو عَلِيّ عن بعض الأصحاب.

وجميع ما ذكرناه فيما إِذَا تَصَرَّف مع غير البائع.

أما إذا باع من البَائع فوجهان:

أحدهما: الجواز، كبيع المَغْصُوب من الغاصب.

وأصحهما: المنع كالبيع من غيره (١).

والوجهان فيما إذا باع بغير جنس الثمن، أو بزيادة أو نقصان أو تفاوت صفة،


(١) قال في شرح المهذب: لأن من يشتري ما في يد نفسه يصير قابضاً في الحال وتعبير المصنف بالأصح اقتضى قوه الخلاف، وليس كذلك فقد عبر عنه في شرح المهذب بقوله: وحكى جماعة من الخراسانيين وجهاً شاذاً ضعيفاً: إنه يجوز بيعه للبائع هذا لفظه.

<<  <  ج: ص:  >  >>