وإلاّ فهو إقالة بصيغة البيع، كذا قاله في "التتمة"(١). ولو وهب منه أو رهن فطريقان:
أحدهما: القطع بالمنع، لأنه يجوز أن يكون نائباً عن المشتري في القبض.
وأصحهما فيما نقل صاحب "التهذيب": أنه على القولين، فإن جوزنا فإذا أذن له في القبض عن الهِبَة أو الرَّهْن ففعل أجزأ، ولا يزول ضمان البيع في سورة الرَّهْن، بل إذا تلف ينفسخ العقد، ولو رهنه عن البائع بالثمن، فقد مَرَّ حكمه.
فرع لابن سُرَيْجٍ: باع عبداً بثوب وقبض الثوب، ولم يسلم العبد له بيع الثوب، وليس للآخر بيع العبد، فلو باع الثَّوب وهلك العبد في يده بطل العقد فيه، ولا يبطل في الثوب ويغرم قيمته لبائعه، ولا فرق بين أن يكون هلاك العبد بعد تسليم الثوب أو قبله، لخروجه عن ملكه بالبيع، ولو تلف العَبْد والثوب في يده، غرم لبائع الثوب القيمة ورد على مشتريه الثَّمن.
قال الرافعي: المال المستحق للإنسان عند غيره قسمان: عَيْن في يده ودَيْن في ذمته.
أما الثَّاني: فيأتي في الفصل التَّالي لهذا الفصل -إن شاء الله تعالى-.
وأَمَّا القِسْم الأول: فما له في يد الغير إمّا أن يكون أمانة أو مضموناً.
الضرب الأول: الأمانات، فيجوز للمالك بيعها لتمام المِلْك عليها، وحصول القدرة على التَّسْليم، وهي كالوَدِيْعَة في يد المودع، ومال الشركة والقرَاض في يد الشَّرِيك والعَامِل، والمال في يد الوكيل بالبيع ونحوه، وفي يد المرتهن بعد انفكاك الرَّهْن، وفي يد المستأجر بعد إنقضاء المُدَّة، والمال في يد القيم بعد بلوغ الصَّبِي رشيداً، وما احتطبه العبد واكتسبه وقبله بالوصيّة، قبل أن يأخذه السيد.
ولو ورث مالاً فله بيعه قَبْلَ قبضه، إِلاَّ إذا كان المورث لا يملك بيعه أيضاً، مثل ما اشتراه ولم يقبضه.
(١) ومعناه أنا إن نظرنا إلى معاني العقود كان إقالة، وحينئذ فيصح جزماً، وإن نظرنا إلى الصيغة كان بيعاً، وحينئذ فيأتي فيه الوجهان في البيع من البائع. هكذا أوضحه القاضي الحسين.