للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفي المَنْقُولِ يَكْفِي فِيهِ النَّقْلُ، وَلاَ يَكْفِي التَّخْلِيَةُ (م ح)، وَقَدْ قِيْلَ: يَحْصُلُ انْتِقَالُ الضَّمَانِ بِالتَّخْلِيَةِ، وَمَا يُشْتَرى مُكَايَلَةَ فَتَمَامُ القَبْضِ فِيهِ بِالنَّقْلِ، وَالكَيْلِ، فَإذَا اشْتَرَى مُكايَلَةً وَبَاعَ مُكايَلَةً فَلاَ بُدَّ لِكُلِّ بَيْعٍ (و) مِنْ كَيْلٍ جَدِيد لِيتمَّ القَبْضُ للحَدِيث.

قال الرافعي: قد تم بيان الأمر الأول، وهو حكم القبض وثمرته، وهذا أول الشُّروع في الأمر الثاني، وهو أن القبض بم يحصل؟ والقول الجملي فيه: أن الرجوع فيما يكون قبضاً إلى العادة، ويختلف بحسب اختلاف المال. وتفصيله: أن المال إما أن يباع من غير اعتبار تقدير فيه، أو يباع معتبراً فيه تقدير.

الحالة الأولى: أن لا يعتبر فيه تقدير، إما لعدم إمكانه أو مع إمكانه، فينظر إنْ كان المبيع ممَّا لا ينقل كالدور والأراض، فقبضه بالتّخلية بينه وبين المشتري، وتمكينه من اليد وَالتَّصرف بتسليم المفتاح إليه، ولا يعتبر دخوله وتصرفه فيه، ويشترط كونه فارغاً عَنْ أمتعة البائع (١)، فلو باع داراً فيها أمتعة للبائع توقف التسليم على تفريغها، وكذا لو باع سفينة مَشْحُونة بأمتعة لكون البائع مستعملاً للمبيع منتفعاً به (٢).

ولو جمع البائع متاعه في بيت من الدار، وخلَّى بين المشتري وبين الدار، حصل القبض فيما عدا ذلك البيت.

وفي اشتراط حضور المتبايعين عند المبيع ثلاثة أوجه منقولة في "التهذيب".

أحدها: يشترط، فإن حضرا عنده، وقال البائع للمشتري: دونك هذا ولا مانع حصل القبض، وإلا فلا.

والثاني: أنه يشترط حضور المشتري عنده دون البائع ليتأتى إِثْبَات اليد عليه.

والثالث، هو الأظهر: أنه لا يشترط حضور واحد منهما؛ لأن ذلك قد يشق، فإذا خَلَّى بينه وبين المبيع، فقد أتى بما عليه فليتصرف، وعلى هذا فهل يشترط أن يمضي زمان إمكان المضي إليه؟ فيه وجهان:

الأصح: الاشْتِرَاط وفي معنى العَقَار الشجر الثَّابت، والتمرة المبيعة على الشجرة قبل أوان الجُذَاذ. وإن كان المبيع من جملة المنقولات، فالمذهب المشهور، وبه قال


(١) قال الأذرعي في القوت: أمتعة المستعير والمستأجر والموصى له بالمنفعة والغاصب كأمتعة البائع إلا أن يكون هو المشتري فالظاهر أنه لا يشترط التفريع منها لصحة القبض. قال: وزعم شارح أن تقييده بأمتعة البائع يخرج ما عداه وإخراج أمتعة غير المشتري غلط فاحذره. وقال في الخادم: التقييد بأمتعة البائع خرج مخرج الغالب أي فلا مفهوم له، ثم ذكر ما ذكره الأذرعي.
(٢) وقد حكى الرافعي بعد هذا وجهاً عند بيع الأرض المزروعة في باب الألفاظ المطلقة في البيع، أنه لا يصح بيع الدار المشحونة، وأن إمام الحرمين، ادعى أنه ظاهر المذهب. قلت المحكي هناك إنما هو في صحة القبض لا في صحة البيع. ينظر روضة الطالبين ٣/ ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>