للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشبههما: أنه يدخل (١).

وإن كان ماله غائباً عن البلد، فينظر إن كان على مسافة القَصْر، فلا يكلف البائع الصّبر إلى إحضاره، وفيما يفعل؟ وجهان:

أحدهما: أنه يباع في حقه، ويؤدي من ثمنه.

والأظهر عند الأكثرين: أن له أن يفسخ البيع لتعذُّر تحصيل الثمن كما لو أفلس المشتري بالثمن، فإن فسخ فذاك، وإن صبر إلى الإحضار فالحجر على ما سبق.

وحكى الإمام عن ابن سُرَيجٍ: أنه لا فسخ، ولكن يرد المبيع إلى البائع، ويحجر على المشتري ويمهل إلى الإحضار، وادعى في "الوسيط": أنه الصحيح.

وإن كان دون مسافة القَصْر، فهو كما لو كان في البلد، أو كما لو كان على مسافة القَصْر فيه وجهان (٢).

الحالة الثانية: أن يكون معسراً، فهو مفلس والبائع أحق (٣) بمتاعه [هذا هو الصحيح المنصوص].

وفيه وجه: أنه لا فسخ ولكن تباع السِّلْعة ويوفى من ثمنها حق البائع، فإن فضل شيء فهو للمشتري، والمنصوص الأول.

وأما لفظ الكتاب: فقوله: "والبداءة بالبائع" معلّم بالميم والحاء، وكذا قوله: "ويتساويان"، وقوله: "وبالمشتري" بالألف، ويجوز أن يعلّم لفظ "الأقوال" بالواو إشْعَاراً بالطريقة النافية للخلاف. وقوله: "هذا لفظ الشافعي" -رضي الله عنه- ليس هو هو لكنه قريب منه، ولفظه في "المختصر"؛ فإن غاب ماله أشهد على وقف ماله، وأضهد على وقف السلعة، فإذا دفع أطلق عنه الوقف، فإن لم يكن له مال فهو مفلس والبائع أحق بسلعته.

واعلم: أن هذا النص ظاهر في أنه إذا حجر عليه يحجر في السِّلْعة المبيعة، وفي


(١) هذا الحجر، يخالف الحجر على المفلس من وجهين:
أحدهما: أنه لا يسلط على الرجوع إلى عين المال.
والثاني: أنه لا يتوقف على ضيق المال عن الوفاء. واتفقوا، على أنه إذا كان محجوراً عليه بالفلس، لم يحجر أيضاً هذا الحجر، لعدم الحاجة إليه. (ينظر روضة الطالبين ٣/ ١٨٢).
(٢) أصحهما الأول وبه قطع في "المحرر" المصدر السابق.
(٣) قضية كلامه أن الفسخ يعيب الفلس، وحينئذ فلا بد من تقدم الحجر والمراد بالعسر هنا أن لا يملك غير المبيع سواء كان قدر الثمن أو أقل أو أكثر.

<<  <  ج: ص:  >  >>