للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبقي قولان:

أحدهما: أنهما يُجْبران.

والثاني: لا يُجْبران، ويشبه أن يكون الأول أظهر، وبه قال أحمد، وهو الذي أورده في "الشامل".

التفريع: إن قلنا: يجبر البائع على تسليم المبيع أولاً، أو قلنا: لا يجبر، ولكنه تبرع وابتدأ بالتَّسليم أجبر المشتري على تسليم الثَّمن في الحال، إن كان حاضراً في المجلس، وإلاَّ فللمشتري حالتان:

إحداهما: أن يكون مُوسِرًا فإن كان ماله في البَلَد يُحجر عليه، إلى أن يسلم الثَّمن (١) كيلا يتصرّف في أملاكه بما يفوت حق البائع، وحكى صاحب الكتاب هاهنا وفي "الوسيط" وجهاً: أنه لا يحجر عليه، ويمهل إلى أن يأتي بالثمن، ولم أر لغيره نقل هذا الوجه على هذا الإطلاق. فإن قلنا بالمذهب المشهور، ففيم يحجر عليه؟ قال عامة الأصحاب: يحجر عليه في المبيع وفي سائر أمواله.

ومنهم من قال: لا يحجر عليه في سائر أمواله إن كان ماله وافياً بديونه، وهذا ما أورده صاحب "التهذيب" وعلى هذا فهل يدخل المبيع في الاحتساب؟ فيه وجهان:


= ثانيها: أن يكون كل منهما عقد لنفسه، فإن كان وكيلاً عن البائع لم يجئ القول المخرج ولا عدم إجبارهما، فإن كانا معاً وكيلين تعين القول بإجبارهما. حكاه الإمام في التفليس. قيل: وقضيةكلام الحاوي مجيء القولين الأولين.
ثالثها: أن لا يكون تصرفه مبنياً على الاحتياط فالمكاتب لا يسلم المبيع قبل القبض كما ذكره الشيخ في باب الكتابة وفي معناه ولي اليتيم.
رابعها: أن لا يتعلق بعقده حق لغيره كالرهن والفلس، فإذا باع الحاكم مال المفلس لا يسلم حتى يقبض الثمن ويجبر المشتري قطعاً. قاله ابن القطان، وعن أبي إسحاق أنه يجيء قول بإجبارهما.
خامسها: أن يكون الثمن في الذمة حالاً فإن كان مؤجلاً أجبر البائع قطعاً.
سادسها: أن يكون المبيع في يد البائع فلو كان المبيع عند العقد في يد المشتري والثمن المعين في يد البائع فالمشهور أنه لا حق للآخر في التعليق به بل يتسلط على التصرف فيما ملكه لا بمجرد لزوم العقد.
سابعها: أن يمكن تسليم كل منهما فلو أبق العبد لم يجبر المشتري على تسليم الثمن قطعاً.
(١) ولا فرق على الصحيح بين أن تكون أمواله وافية بالثمن أم لا، ولهذا سماه الغزالي وغيره بالحجر الغريب، وفي توقف هذا الحجر على سؤال البالغ خلاف ظاهر النص أنه لا يتوقف. قاله في المطلب وحكى أيضاً عن ظاهر النص ومقتضى قول الأكثرين أن الحجر لا ينفك بمجرد التسليم بل لا بد من فك القاضي.

<<  <  ج: ص:  >  >>