وقال أبو حنيفة: لا يجوز بيع أحدهما مُرَابحة؛ لأن التَّوزيع بالقيمة تَخْمين.
ثم في الفَصْل صور:
إحداهما: يجب الإخبار عن العيوب الطَّارئة في يده (١) سواء حدث العيب بآفة سماوية أو بجنايته أو بجناية أجنبي؛ لأن المشتري يبني العقد على العقد الأول، ويتوهم بقاء المبيع على ما كان، ولا فرق بين ما ينقص العَيْن وما ينقص القيمة كما في الرد، وعن أبي حنيفة أنه لا يجب الإخبار عن العَيْب الحادث بالآفة السماوية.
ولو اطَّلع على عيب قديم واختار إمساكه ذكره في بيع المُرَابَحَة، ولو تعذَّر رده لعيب حادث وأخذ الأَرْش فإن باعه مُرَابحة بلفظ "قام عليَّ" حطّ الأرش وإنْ باعه بلفظ ما اشتريت ذكر ما جرى به العقد، ويجب أن يذكر أيضاً العيب واسترداد الأرش فإن الأَرْش المستردّ جزء من الثمن. ولو أخذ أَرْش الجناية ثم باعه، فإنْ باع بلفظ "ما اشتريت" ذكر الثمن، وأخبر بالجناية، وإن باع بلفظ "قام عليَّ" فوجهان:
أحدهما: أنه نَازِل منزلة الكسب والزيادات والمبيع قائم عليه بِتَمَام الثمن.
وأصحهما: أنه يحط الأَرْش من الثمن كَأَرْش العيب، والمراد من الأَرْش هاهنا قدر النُّقْصَان لا المأخوذ بتمامة، فإذا قطعت يد العبد وقيمته مائة، فنقص منها ثلاثون يأخذ خمسين، ويحطّ من الثمن ثلاثين لا خمسين، وحكى الإمام وجهاً آخر: أنه يحط جميع المأخوذ من الثمن. ولو نقص من القيمة أكثر من الأَرْش المقدر حط ما أخذ من الثمن، وأخبر عن قيامه عليه بالباقي، وأنه نقص من قيمته كذا.
الثانية: إذا كان قد اشتراه بَغَبْن، فهل يلزمه الإخبار عنه؟ فيه وجهان:
أصحهما: عند الإمام وهو المذكور في الكتاب: أنه لا يلزم؛ لأنه باع ما اشترى كما اشترى.
والثاني: يلزم، لأن المشتري منه اعتمد على نظره ويعتقد أنه لا يحتمل الغَبْن، فليخبره ليكون على بَصِيْرَة من أمره.
وقضية كلام الأكثرين ترجيح هذا الوجه لأمرين:
أحدهما: أنهم قالوا: لو اشتراه بَدِيْن من مماطل وجب الإخبار عنه، لأن الغالب
(١) اعلم أنه يجب على كل بائع بيان جميع العيوب كما تقرر في بابه، لكن هاهنا لا يكفي ذكر ذلك بل لا بد من بيان حدوث ما حدث منها عنده، ولو لم يبينه لتوهم المشتري أنه كان عند الشراء على ما هو عليه الآن وأن الثمن المعدول كان في مقابلته مع العيب ولو كان به عيب قديم ثم اطلع عليه بعد الشراء ورضي به فلا بد من بيانه أيضاً.