للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه يشتري من مثله بالزيادة، وقد مرّ ذلك. والثَّاني: أنهم قالوا: لو اشترى من ابنه الطّفل وجب الإخبار عنه؛ لأن الغالب في مثله الزِّيادة في الثمن نظراً للطِّفل، واحترازاً عن التُّهْمة، فإذا وجب الإخبار عن ظَن الغَبْن؛ فلأنْ يجب عند تعيينه كان أولى، وإن اشتراه من ولده البالغ أَوْ من أبيه، فأصحّ الوجهين باتِّفاق الأئمة أنه لا يجب الإخبار عنه كما لو اشترى من زوجته أو مكاتبه، وفي "الشامل" ما يقتضي تردداً في المُكَاتب، وعند أبي حنيفة وأحمد إذا اشتراه من ابنه أو أبيه وجب الإخبار عنه.

الثالثة: إذا اشتراه بثمن مؤجل وجب الإخبار عنه، لِلتَّفاوت الظاهر بين المؤجّل والمعجّل في المالية، وفي البيان حكاية وجه غريب أنه لا يجب التَّعرض له.

الرَّابعة: لا يجب الإخبار عن وَطْء الثَّيِّب، ولا عن مهرها الذي تأخذه، ولا عن الزيادات المنفصلة كالولد واللبن والصّوف والثمرة، ولو كان حاملاً يوم الشراء، أوْ كان ضَرْعِها لبن أو على ظهرها صومه أو على النَّخْلة طلع فاستوفاها حط بقسطها من الثمن، وهذا في الحَمْل مَبْني على أنه يقابله قسط من الثمن.

قال الغزالي: فَإِنْ كَذَبَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَفِي اسْتِحْقَاقِ حَطِّ قَدْرِ التَّفَاوُتِ قَوْلاَنِ، فإن قُلْنَا: لاَ يُحَطُّ فَلَهُ الخِيَارُ لِكَوْنِهِ مَظْلُوماً بِالتَّلْبِيسِ إلاَّ إِذَا كَانَ عَالِماً بِكَذِبِهِ، وَالأَصَحُّ أَنْ لاَ خِيَارَ لِلبَائِعِ إِنْ قُلْنَا: يُحَطُّ وَلاَ لِلْمُشْتَرِي.

قال الرَّافِعِيُّ: إذا قال: اشتريته بمائة وباعه مُرَابَحَة، ثم بأن أنه اشتراه بتسعين إما وبإقراره أو بالبينة، فالبيع صحيح على المذهب، لأن غاية ما فيه التَّغْرِيرِ والتَّدْلِيس، وذاك لا يمنع صحة البيع كما لو رَوَّجَ عليه مَعِيباً، وعن رواية القاضي أبي حامد وغيره وجه: أنه لا يصح لكون الثمن مجهولاً عند العقد ويحكى هذا عن مالك.

وإذا قلنا بظاهر المذهب، فلا يخلو كذبه في هذا الإخبار إما أن يكون خيانة أو غَلَطاً، أما في الحالة الأولى فقولان منصوصان في اخْتلاف العراقيين.

أصحهما: وهو المنقول في "المختصر" وبه قال أحمد: أنا نحكم بانْحِطَاط الزيادة، وحصَّتُها من الربح لأنه تمليك باعتبار الثَّمَن الأول، فيحط الزَّائد عليه كما في الشّفعة (١).

والثاني وبه قال أبو حنيفة: أنا لا نحكم لأنه سمي ثمناً معلوماً وعقد به العقد


(١) مقتضى هذه العلة أن الحط هنا ليس كحط أرش العيب حتى يحتاج إلى طلب وإنشاء بل يبين أن هذا العقد لم يعقد إلا بما بقي وهو كذلك على ما قاله الإمام وغيره وجزم به في الكفاية. والثاني: لا يحط شيء لأنه سمي ثمناً وعقد به ولا فرق على القولين بين أن يظهر ذلك بإقراره أو بالبينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>