نقل المُزَنِيُّ أنه، يثبت، وقال في اختلاف العراقيين: لا يثبت، فمن الأصحاب من قال: في المسألة قولان:
أظهرهما: لأنه لا خيار له لأنه قد رضي بأكثر، فَأَوْلى أنْ يرضى بالأقل.
والثاني وبه قال أبو حنيفة: أنه يثبت الخيار لأنه إنْ بان كذبه بالإقرار لم يؤمن كذبه ثانياً وثالثاً، وإنْ بان بالبَيِّنة فقد تخالف الظَّاهر والباطن، وأيضاً فقد يكون له غرض في الشِّرَاء بذلك المبلغ لتَحِلَّة قسم وإِنْقَاذ وَصِيّه ونحوهما، ومنهم مَنْ حمل النص الأول على ما إذا تبيَّن كذب البائع بالبَيِّنة، والثاني على ما إذا تبيَّن بإقراره، والفرق أنه إذا ظهر بالبيّنة خيانته لم تؤمن خيانته من وجه آخر، والإِقْرَار يشعر بالأمانة وبذل النُّصْح.
والطريقة الأولى أظهر.
فإن قلنا: له الخيار فأمسك بما يبقى بعد الحَطّ فهل للبائع الخِيَار فيه وجهان وقيل: قولان:
إحداهما: نعم، لأنه لم يسلم له ما سماه في العقد.
وأظهرهما: لا، إذ يبعد أن يصيرَ تَلْبِيسه أو غَلطه سباً لثبوت الخيار له.
ومنهم من خَصَّ الوجهين بصورة الخيانة، وقطع بثبوت الخيار عند الغَلَط، فإن حكمنا بعدم الانْحِطَاط فللمشتري الخيار، لأن البائع قد غَرَّه إلاَّ أنْ يكون عالماً بكذب البائع، فيكون كما لو اشترى معيباً وهو عالم بعيبه، وإذا أثبت الخيار، فلو قال البائع: لا تفسح فإني أحطّ الزيادة عنك، ففي سقوط خياره وجهان، وجميع ما ذكرناه فيما إذا كان المَبِيع باقياً، أما إذا ظهر الحال بعد هلاك المبيع، فإن القاضي المَاوِرْدِيّ ذكر: أنه تَنْحط الخِيَانة، وحصَّتها من الربح قولاً واحداً، والظاهر جريان القَوْلين في الانحطاط، فإنْ قلنا بالانحطاط، فلا خيار للمشتري؛ لأن البائع قد لا يزيد القيمة، فالفسخ ورد القيمة يضر به. وأما البائع فإنْ لم يثبت له الخيار عند بقاء السِّلْعة، فكذلك هاهنا، وإن أثبتناه ثم ثبت هاهنا، كما لو وجد بالعبد عيباً، والثوب الذي هو عرضه تالف.
وإن قُلْنا: بعدم الانْحِطَاط فهل للمشتري الفسخ، فيه وجهان:
أظهرهما: كما لو عرف العيب بعد تلف المبيع، ولكن يرجع بقدر التَّفَاوت وحصّته من الرِّبْح، كما يرجع بأرْش العيب، وعن أبي حنيفة أنه لا يفسخ ولا يرجع بشيء.