للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعتك به، وربح درهم على كل عشرة، فالربح يكون من نَقْد البلد لإطْلاقه الدرهم، والأصل مثل الثمن سواء كان من نقد البلد أو غيره. فرع: لو اتّهَب بغير عوض لم يجز بيعه مرابحة، إلاَّ أن يبين القيمة ويبيع بها مُرَابَحَة، وإن اتّهب بشرط الثواب ذكره، وباع به مرابحة، وإذا أَجَّر داراً بِعَبْد أو نكحت على عبد، أو خَالَعَ زوجته عليه، أو صالح من الدَّم عليه لم يجز بيع العَبد مُرَابَحَةً بلفظ الشراء، ويجوز بلفظ قام علي ويذكر في الإجارة أجرة مثل الدار، وفي النكاح والخُلْع مَهْر المِثْل، وفي الصُّلْح عن الدم الدِّيَة.

واعلم أن الأئمة أطبقوا على تصوير المُرَابَحة فيما إذا قال: بعت بما اشتريت وربح كذا، أو بما قام علي، ولم يذكروا فيه خلافاً، وفيما إذا أَوْصَى لإنسان بنصيب ابنه ذكروا وجهاً: أنه لا يصح إذا قال: بمثل نصيب ابني فَكَأَنهم اقتصروا هاهنا على إيراد ما هو الأصح، وإلاَّ فلا فرق بين البابين (١).

قال الغزالي: القِسْمُ الثَّالِثُ مَا يُطْلَقُ فِي المَبِيعِ، وَهِيَ سِتَّةُ أَلْفَاظٍ: الأَوَّلُ: لَفْظُ الأَرْضِ وَفِي مَعْنَاهَا العَرْصَةُ وَالسَّاحَةُ وَالبُقْعَةُ، وَلاَ تَنْدَرجُ تَحْتَهَا الأَشْجَارُ وَالبِنَاءُ عَلَى أَصَحِّ القَوْلَيْنِ، إِلا إِذَا قَالَ: بعْتُ الأَرْضَ (و) بِمَا فِيهَا.

قال الرَّافِعِيُّ: ذكر في هذا القسم ألفاظاً تمس الحاجة إلى معرفة ما يندرج فيها، وما لا يَنْدرج منها: الأرض والعَرْصَة والسَّاحَة والبُقْعَة، فإذا قال: بعتك هذه الأرض، وكان فيها أبنية وأشجار نظر، إن قال: دون ما فيها من البناء والشجر لم تدخل هي في البيع، وإن قال: بعتكها بما فيها دخلت الأبنية والأشجار، وكذا لو قال: بِعْتُكها بحقوقها على المشهور وحكى الإمام وجهاً: أنها لا تدخل وحقوق الأرض الممر، ومجرى الماء وما أشبههما، وإن أطلق فنصه هاهناه: أنها تدخل، ونص فيما لو رهن الأرض، وأطلق أنها لا تدخل، وللأصحاب فيها طرق:

أحدها: أن فيهما قولين بالنَّقْل والتَّخريج:

وجه الدخول: أنها للدوام والثبات في الأرض فأشبهت أجزاء الأرض، ولهذا يلحق بها في الأخذ بالشفعة. ووجه المنع: خروجها عن مُسَمى الأرض.

والثاني: تقرير النصيبين، والفرق أن البيع قوي لإزالة الملك، فيستتبع الشجر والبناء، والرهن بخلافه، ولهذا يكون النَّمَاء الحادث مِنْ أصل المبيع للمشتري، ولم يكن النَّمَاء الحادث من أصل المَرْهُون مرهوناً، والثالث: ويحكى عن ابن سريج: القطع


(١) قال النووي: هذا التأويل خلاف مقتض كلامهم، والفرق ظاهر فإن السابق إلى الفهم من قوله بما اشتريت أن معناه بمثل ما اشتريت، وحذفه اختصار، ولا يظهر هذا التقرير في الوصية.

<<  <  ج: ص:  >  >>