للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضاً، ولا يؤمر البائع بقطع الزرع الذي يَبْقَى له في الحال بل له إبقاؤه إلى أَوَانِ الحَصَاد خلافاً لأبي حنيفة، وعند وقت الحصاد يؤمر بالقَطْع والتفريغ، وعليه تَسْوية الأرض وقلع العروق التي يضر بقاؤها بالأرض كعروق الذُّرة تشبيهاً بما إذا كان في الدَّار أمتعة لا يتسع لها باب الدار ينقض، وعلى البائع ضمانه.

الضَّرْب الثَّاني: ما تؤخذ ثمرته وفائدته مرة بعد أخرى في سنتين أَو أكثر، كالكُرْسُف الحِجَازِيّ والنَّرْجس والبَنَفْسَج، فالظَّاهر من ثمارها عند بيع الأرض يبقى للبائع، وفي دخول الأصول الخلاف الذي سبق في الأشجار، وفي النَّرْجس والبَنَفْسَج وجه: أنهما من الضرب الأول.

وما يُجَزّ مراراً كالقَتِّ والقَصَبِ والهِنْدِبَاءِ (١) وَالنِّعْنَاع والكَرَفْسِ والطَّرْخُونِ (٢)، تبقى جزّتها الظَّاهرة عند البيع للبائع، وفي دخول الأصول الخلاف.

وعن الشيخ أبي محمد القطع بأنها تدخل في بيع الأرض؛ لأنها كَامِنة فيها نازلة منزلة أجزائها بخلاف الأشجار، فيجوز أن نعلّم لذلك قوله في الكتاب: "وأصول البقول كالأشجار" بالواو، وإذا قلنا بدخولها فليشترط على البائع قَطع الجَزّة الظاهرة؛ لأنها تزيد ويشتبه المبيع يغيره ولا فرق بين أن يكون ما ظهر بالغًا أَوَان الجَزّ أو لا يكون.

قال في "التتمة": إِلاَّ القَصَبَ فإنه لا يكلف بقطعه، إلاَّ أن يكون ما ظهر قدراً ينتفع به، ولو كان في الأرض أشجار، حلاف ما يقطع من وجه الأرض فهي كالقَصَبِ.

الثانية: لو كانت الأرض المبيعة مَبْذُورة، ففي البذر الكامل مثل التَّفْصِيل المذكور في الزروع فالبَذْر الذي لا ثَبَات لنباته، ويؤخذ دفعة واحدة لا يدخل في بيع الأَرْض، ويبقى إلى أَوَانِ الحَصَاد، وللمشتري الخِيار أن كان جاهلاً به، فإن تركه البائع له سقط خياره، وعليه القبول، ولو قال: آخذه وأفرغ الأرض سقط خياره أيضاً، إنْ أمكن ذلك في زمان يسير.

والبذْر الذي يدوم نباته كَنَوَى النَّخْل والجَوْز واللَّوْز وبذر الكُرَّات، ونحوه من البقول حَكمه في الدخول تحت بيع الأرض حكم الأشجار، وجميع ما ذكرنا في المسألتين مفروض فيما إذا أطلق بيع الأرض، فأما إذا باعها مع الزرع، أو البذر فإنا نورده في خلال اللفظ السادس، إن شاء الله تعالى.


(١) بقل زراعي حولي، ومحول من الفصيلة المركبة يطبخ ورقه أو يجعل سلطه. انظر المعجم الوسيط ٢/ ١٠٠٧.
(٢) الطرخون بقلة زراعية معمرة، تزرع لرائحة أوراقها، وهذه الأوراق تؤكل وهي خضر مع الطعام. انظر المعجم الوسيط ٢/ ٥٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>