للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الغزالي: وَالحِجَارَةُ إنْ كَانَتْ مَخْلُوقَةَ فِي الأَرْضِ انْدَرَجَتْ، وَإِنْ كَانَتْ مَدْفُونَةً فَلاَ، وعَلَى البَائِعِ النَّقْلُ وَالتَّفْرِيغُ وَتَسْوِيَةُ الحَفْرِ، فَإِنْ كَانَتْ تتعيب بِهِ الأَرْضُ أَوْ تَتَعَطَّلُ بِهِ مَنْفَعَةٌ في مُدَّةِ النَّقْلِ فَلَهُ الخِيَارُ عِنْدَ الجَهْلِ، فَإِنْ أَجَازَ فَالأَظْهَرُ أَنَّ لَهُ طَلَبَ أُجْرَةِ المنفعةِ فِي هَذِهِ المُدَّةِ، وَفِي مُدَّةِ بَقَاءِ الزَّرْعِ، وَكَذَلِكَ لَهُ طَلَبُ أَرْشِ التَّعَيُّبِ، فَإِنْ تَرَكَ البَائِعُ الحِجَارَةَ بَطُلَ خِيَارُ المُشْتَرِي، لأَنَّهُ غَيْرُ مُتَضَرِّرِ بِالبَقَاءِ، ثُمَّ لاَ يِمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ الأِعْرَاضِ (و) إِلاَّ إِذَا جَرَى لَفْظُ الهِبَةِ وَشَرْطُهَا.

قال الرَّافِعِيُّ: الحِجَارة إن كانت مخلوقة في الأَرْض، أو مثبتة دخلت في بيع الأرض. وإن كانت تضر بالزَّرع والغَرْس، فقد ذكرنا في عِدَاد العيوب أنه عيب إذا كانت الأرض مما تقصد لذلك وفيه وجه: أنه ليس بعيب، وإنما هو فَوَات فَضِيلة، وإن كانت مدفونة فيها لم تدخل في البيع كالكنوز والأقمشة في الدار، ثم لا يخلو.

إما: أن يكون المشتري عالماً بالحال، أو جاهلاً.

فإن كان عالماً فلا خيار له في فسخ العقد، وإنْ تضرَّر بقلع البائع، وله إجبار البائع على القلع والنقل تفريغاً لملكه بخلاف الزَّرْع فإن له أمداً ينتظر، ولا أُجْرة للمشتري في مدة القَلْع والنَّقل، وإن طالت كما لو اشترى داراً فيها أَقْمشة، وهو عالم بها لا أُجْرَة له في مدة النَّقْل والتَّفريغ، ويجب على البائع إذا نقل تسوية الأرض.

وإن كان جاهلاً فللحجارة مع الأرض أربعة أحوال:

الحالة الأولى: أن لا يكون في قَلْعها ولا في تركها ضرر فأن لم يحوج النَّقل وتسوية الأرض إلى مدّة لمثلها أجرة، ولم تنقص الأرض بها فللبائع النقل، وعليه تسوية الأرض، ولا خيار للمشتري، وله إجبار البَائع على النَّقْل، وحكى الإمام وجهاً: أنه لا يجبر والخِيَرَة للبائع، والمذهب الأول.

الحالة الثانية: أن لا يكون في قَلْعِها ضرر ويكون في تركها ضرر، فيؤمر البائع بالنقل، ولا خيار للمشتري كما لو اشترى دارًا فلحق سَقْفها خلل يسير يمكن تداركه في الحال، أو كانت مُنْسدّة البَالُوعَة فقال البائع: أنا أصلحه وأتقنها فلا خيار للمشتري.

الثالثة: أنْ يكون القلع والتَّرْك جميعاً مُضِرّين، فللمشتري الخيار سواء جهل أصل الأحجار، أو كون قَلْعها مضرًا، ولا يسقط خياره بأن يترك البائع الأحجار لما في نقلها من الضَّرر وهل يسقط بأن يقول للمشتري: لا تفسخ لأغرم لك أجرة المثل لمدة النقل؟

فيه وجهان عن رواية صاحب "التقريب".

أصحهما: لا، كما لو قال البائع: لا نفسخ البيع بالعيب لأغرم لك الأرش ثم إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>