اختار المشتري البيع فعلى البائع النقل وتسوية الأرض سواء كان النقل قبل القبض أو بعده، وهل تجب أجرة المثل لمدة النقل إن كان النقل قبل القبض فيبني على أن جناية البائع قبل القبض كآفةٍ سماوية أو كجناية الأجنبي.
إن قلنا: بالأول لم تجب وإن قلنا بالثاني فهو كما لو نقل بعد القَبْض، وإن كان النَّقْل بعد القبض فوجهان.
أصحهما: عند الشيخ أبي حامد: أنها لا تجب؛ لأن إجازته رضا بتلف المَنْفَعة في مدة النَّقْل.
وأصحهما: على ما يقتضيه كلام الأكثرين وبه قال أبو إسحاق: أنها تجب كما لو جنى على المبيع بعد القبض عليه ضمانه، وقد يختصر فيقال: في وجوب الأجرة ثلاثة أوجه:
ثالثها وهو الأظهر: الفرق بين أن يكون النَّقل قبل القبض فلا تجب، أو بعده فتجب، ويجري مثل هذا الخلاف في وجوب الأَرْش، لو بقي في الأرض بعد التَّسْوية نقصان وعيب وفي مأخذ الخِلاَف في الأَرْش ولزوم التَّسْوية مزيد كلام مذكور في الغَصْب.
الرابعة: أن يكون في قَلْعها ضرر، ولا يكون في تركها ضرر، فللمشتري الخيار، فإنْ أجاز ففي الأُجْرة والأَرْش ما مرّ، ولا يسقط خِياره بأن يقول للبائع: اقْلع واغرم الأجرة، أو أرش النقص كذا قاله في "التهذيب"، ويجيء فيه مثل الخلاف المذكور في الحالة الثالثة، ولو رَضِيَ بترك الأحجار في الأرض سقط خيار المشتري إبقاء للعقد، ثم ينظر إن اقتصر على قوله: تركتها إلى المُشْتري فهو تمليك، أو مجرد إعراض لقطع الخُصُومة، فيه وجهان كالوَجْهَين في ترك النَّقْل على الدَّابة المردودة بالعيب.
أحدهما: أنه تمليك ليكون سقوط الخيار في مُقابلة ملك حاصل.
وأظهرهما: وهو الذي ذكره في الكتاب: أنه قطع للخصومة لا غير.
فإن قلنا بالأول: فلو قلعها المشتري يوماً فهي له، ولو أراد البائع الرجوع فيها لم يكن له وإن قلنا بالثاني فهي للبائع، ولو أراد الرجوع قال الأكثرون: له ذلك ويعود خيار المشتري. وقال الإمام: لا رجوع ويلزمه الوفاء بالترك، وإن قال: وهبتها منك، فإن رآها من قبل واجتمعت شرائط الهِبَة حصل الملك، ومنهم من طرد الخلاف؛ لأنه لا يَبْغي حقيقة الهبة وإنما يقصد دفع الفسخ، وإن لم تجتمع شرائط الهبة، ففي صحتها للضرورة وجهان، إن صححناها ففي إفادة المِلْك ما ذكرنا في لفظ الترك.
واعلم أن جميع ما ذكرنا فيما إذا كانت الأرض بيضاء، أما إذا كان فيها غِرَاس فينظر إن كانت حاصلة يوم البيع واشتراها مع الأرض، فنقصان الأشجار وتَعيُّبها بالإحجار، كتعيُّب الأرض في إثبات الخيار وسائر الأحكام، وإن أحدثها المشتري بعد