للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشراء، فينتظر إنْ أحدثها عالماً بالأحجار فللبائع قَلْعُها، وليس عليه ضمان نقصان الغِرَاس، وإن أحدثها جاهلاً، ففي ثبوت الخيار وجهان:

وجه الثبوت أنَّ الضرر ناشئ من إيداعه الأحجار في الأرض.

والأصح أنه لا يثبت لرجوع الضَّرر إلى غير المبيع، فإن كانت الأرض تنقص بالأحجار أيضاً نظر إن لم يورث الغَرْس وقلع المغروس نقصاناً في الأرض فله القلع والفسخ، وإن أورث الغراس أو القلع نقصاناً فلا خيار في الفسخ، إذ لا يجوز له رد المبيع ناقصاً ولكن يأخذ الأرض وإذا قلع البائع الأحجار فانتقص الغِراس فعليه أَرْش النقص بلا خلاف، ولو كان فوق الأحجار زرع إمَّا للبائع أو للمشتري، ففي "التهذيب" أنه يترك إلى أَوَانِ الحصاد؛ لأن له غاية منتظرة بخلاف الغِرَاس، ومنهم من سوَّى بينه وبين الغراس (١).

إذا تقرر فقه الفصل فالحاجة بعده إلى معرفة ما ذكر في الكتاب، وإحلال كل شيء محله.

أما قوله: (وعلى البائع النقل والتفريغ وتسوية الحفر) فاعلم أن الجمع بين النقل والتَّفْريغ ضرب إِيْضاح، إلا فنقل الحِجَارة عن الموضع دون التَّفريغ مُحَال، ثم الكلام مجري على إطلاقه في صورة العلم باشتمال الأرض على الأحجار المدفونة، وكذا في صورة الجهل حيث لا يثبت الخيار، وحيث ثبت فكذلك إن أجاز المشتري.

وأما إذا فسخ فلا يخفى أنه لا يكلف بالنَّقل وتسوية الحفر، ثم تكلم الإمام في أنهم لِمَ أوجبوا تسوية الحفر على البائع، وعلى الغاصب إذا حفر في الأرض المغصوبة، ولم يوجبوا على من هدم الجدار أن يعيده، وإنما أوجبوا الأَرْش.

وأجاب عنه بأن طمّ (٢) الحفيرة لا يكاد يتفاوت، وهيئات الأبنية تختلف وتتفاوت فيشبه ذلك بذوات الأمثال، وهذا بذوات القيم، حتى لو رفع لِبنَة أو لِبَنَتَيْنِ من رأس الجِدار، وأمكن الرد من غير اختلاف في الهيئة كان ذلك كَطَمّ الحُفَيرة فهذا ما ذكره، وفي وجوب الإعادة على هادم الجِدَار خلاف يذكره في كتاب الصلح إن شاء الله تعالى.

وقوله: (فله الخِيَار عند الجَهْل) محمول على الحالة الثالثة والرابعة فأما في الأولى والثانية فقد عرفت أنه لا خيار.


(١) قال النووي: الأصح: قول صاحب "التهذيب" وقد وافقه جماعة. قال صاحب "الإبانة" إذا قلع البائع الأحجار بعد الحصاد فعليه تسوية الأرض. ينظر الروضة ٣/ ١٩٩.
(٢) طَمَّ الحفرة بالتراب ونحوه: ردمها وسوَّاها بالأرض. ينظر المعجم الوسيط ٢/ ٥٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>