كذب مدعي الوِكَالة، ثم عامله فظهر صدقه في دعوى الوِكَالة.
فرع: لو عرف كونه مأذوناً فعامله، ثم امْتنع من التَّسْليم إلى أن يقع الإِشْهَاد على الإذْن، فله ذلك خوفاً من خَطَرِ إِنكار السَّيد، كما لو صدق مُدَّعي الوِكَالة بقبض الحق، ثم امتنع من التَّسْلِيم حتى يشهد المُوكّل على الوِكَالة.
فرع: حكي في "التتمة" قولين في جواز معاملة من لا يعرف رقّه وحريته:
أظهرهما: الجواز؛ لأن الأصل والغالب في الناس الحرية.
والثاني: المنع؛ لأن الأصل بقاء الحَجْر وما حكيناه عن "النهاية" في صدر الفصل، كأنه جواب على الأظهر والله تعالى أعلم.
قال الغزالي: أَما العُهْدَةُ فَهُوَ مُطَالَبٌ (و) بِدُيُونِ معَامَلَتِهِ، وَكَذَا سَيَّدُهُ عَلَى الأظْهَرِ، وَقِيلَ: السَّيِّدُ لاَ يُطَالَبُ أَصْلاً، وَقِيلَ: يُطَالَبُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ العَبْدِ وَفَاءٌ، وَيُطْرَدُ هَذَا الخِلاَفُ فِي عَامِلِ القِرَاضِ مَعَ رَبِّ المَالِ، وَقِيلَ بِطَرْدِهِ أَيْضاً فِي المُوَكِّلِ إِذَّا سَلَّمَ إلَى وَكِيلِهِ أَلفاً مُعَيَّنَةٌ، وَإِنْ عَتَقَ العَبْدَ طُولِبَ بِهِ، فَإِنْ غَرَّمَة فَفِي رُجُوعِهِ عَلَى السَّيِّدِ وَجْهَانِ.
قال الرَّافِعِيُّ: القول في لفظ العُهْدة وتفسيرها موضعه غير هذا.
وأما فقه الفصل فإذا باع المأذون سِلعة وقبض الثَّمَن فاستحقّت السِّلعة، وقد تلف الثَّمَن في يد العبد فللمشتري الرُّجُوع ببدله على العبد، لأنه المباشر للعقد.
وفي وجه: لا رجوع على العبد لأن يده يد السَّيِّد، وعبارته مستعارة في "الوسيط" وفي مطالبة السيد ثلاثة أوجه رتبها الإمام:
أصحهما: أنه يطالب أيضاً؛ لأن العقد له، فكأنه البائع والقابض للثمن.
والثاني: لا يطالب لأن السيد بالإذن قد أعطاه استقلالاً، فشرط من يعامله قصر الطمع على يده وذمته.
والثالث: أنه إنْ كان في يد العَبْد وفاء، فلا يطالب السَّيِّد لحصول غرض المشتري، وإلاَّ فيطالب.
وعن ابن سريج: أنه إنْ كان السَّيد قد دفع إليه عَيْن مال، وقال: بِعْها أو خُذْ ثمنها واتَّجر فيه، أو قال: اشْتر هذه السِّلْعَة وبعها واتَّجر في ثمنها ففعل، ثم ظهر الاستحقاق وطالبه المشتري بالثمن، فله أن يطالب السيد بقضاء الدَّين عنه؛ لأنه أوقعه في هذه الغَرَامة، وإن اشترى باختياره سلعة وباعها ثم ظهر الاستحقاق فلا، ولو اشترى المأذون شيئاً للتجارة ففي مطالبة السيد بالثمن الأوجه والوجه الأول والثاني جاريان في عامل القِرَاض مع ربِّ المال لتنزيل رَبِّ المال العهدة على المال المعيّن، ولو أن الرجل