الثانية: الهِبَة من عبد الإنسان والوصية له هبة ووصية للسيد، وفي صحة قبوله فيهما من غير إذن السيد وجهان:
أحدهما: وبه قال الإِصْطَخْري: المنع لعدم رضاه بثبوت الملك.
وأصحهما: الصحة، لأنه اكتساب لا يعقب عوضاً، فأشبه الاحْتِطَاب والاصْطِيَاد بغير إذنه، وأيضاً فإنَّ العَبْد إذا خالع زوجته صَحَّ وثبت العوض ويدخل في ملك السَّيد قهراً، فكذلك هاهنا، وصورة الوَصِيّة قد ذكرها صاحب الكتاب في الوَصِيّة.
الثالثة: في صِحّة ضمانه بغير إذن السَّيد وجهان مُعَادان في كتاب الضَّمَان، وشرحهما بذلك الموضع أليق.
الرابعة: هل يَصِحُّ شراؤه دون إذن السَّيد؟ فيه طريقان:
أظهرهما: أن فيه وجهين:
أحدهما وبه قال ابن أبي هريرة: نعم؛ لأنه يعتمد الذِّمة ولا حجر على ذمَّته.
وأصحهما: لا، وبه قال أبو إسحاق والإِصْطَخري، لأنه لو صح فإما أن يثبت الملك له، وليس هو أهلا؛ لأن يملك أو لسيده وذلك إمَّا بعوض يلزمه أو بعوض يكون في ذمة العبد، والأول ما رَضِيَ به السيد.
والثاني: ممتنع لما فيه من حصول أحد العوضين لغير من يلتزم الثاني، وبنوا الوجهين على القولين في أن المُفْلس المحجور عليه إذا اشترى شيئاً هل يصح؟
ووجه الشبه أن كل واحد منهما صحيح العبارة، وإنما حجر عليه لحق الغير.
والطريق الثاني: القطع بالبطلان، ويفارق المفلس؛ لأنه أهل لِلَّتمليك (١).
التفريع: إن صححنا شراءه، فمنهم من قال: إِنَّ المِلْك لِلسَّيد، والبَائع إن علم رِقّه لم يطالبه بشيء حتى يعتق، وإن لم يعلم فهو بالخِيَار بين الصَّبْر إلى العِتْق وبين أن يفسخ ويرجع إلى عَيْنِ ماله.
ومنهم من قال: الملك للعبد والسَّيد بالخِيَار بَيْن أن يقر عليه، وبين أنْ ينتزعه من يده، وللبائع الرُّجوع إلى عيْنِ المبيع ما دام في يد العبد لتعذُّر تحصيل الثمن كما لو أفلس المُشْتَري بالثمن، وإن تلف في يده فليس له إلاَّ الصَّبر إلى أن يعتق، وإن انتزعه السَّيد فهل للبائع الرجوع؟
فيه وجهان: الذي أورده الأكثرون أنه لا يرجع، كما لو زال يد المشتري عما
(١) في ب للتملك.