للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتراه ثم أفلس بالثمن، وفي "التتمة" أن الصحيح، أنه يرجع أيضاً بناء على أن المِلْك يحصل للسيد ابتداء، لا بالانتزاع وإن أفسدنا شرائه، فللمالك استراداد العَيْن ما دامت باقية سواء كانت في يد العبد، أو في يد السيد، وإن تلفت في يد العبد تَعَلَّق الضَّمَان بذمته، وإن تلفت في يد السَّيد فللبائع مطالبته بالضَّمان، وإلاَّ ليس له مطالبة العبد بعد العتق ولا يجب على السيد الضمان بأن رآه فلم يأخذه من يد العبد ولو أَدَّى الثَّمن من مال السَّيِّد فله استرداده، والاستقراض في جميع ما ذكرناه كالشراء، وللعبد إجارة نفسه بإذن السَّيد، وكذا له بَيْع نفسه ورهنها في أصح الوجهين، ولو اشترى العبد أو باع لغيره وِكَالة بغير إذن السيد ففيه وجهان:

ذكر في التتمة أنهما مبنيان على الخلاف فيما لو اشترى لنفسه، والأصح المنع لما فيه من تعلّق العُهْدة بالوكيل.

وقوله في الكتاب: "ولا يصح ضمانه وشراؤه" يجوز إعلامه بالحاء؛ لأن أبا حنيفة يصحح شراءه، وإيراد "الوسيط" يدل على أن المراد من قوله: (على الأصح)، الأصح من الطريقين.

وقوله في الكتاب: (وقيل: إنه يصح كما في المفلس) إشارة إلى الطَّريق الثاني. المعنى يصح في قول كما في المفلس.

وقوله: (لأنه عاجز عن الوفاء بالملتزم) وجهه في الضمان ظاهر، فإن الأداء في الحال متعذّر عليه، وأما في الشراء فهو مبني على أن للسيد أخذ المبيع منه فلا يبقى للثمن متعلّق في الحال.

الخامسة: العبد هل يملك بتمليك السَّيد فيه قولان:

القديبم: نعم، وبه قال مالك لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ بَاعَ عَبْداً وَلَهُ مَالٌ أَضَافَ الْمَالَ إِلَيْهِ" (١).

والجديد: لا، وبه قال أبو حنيفة، كما لا يملك بالإرث وتمليك غير السيد، ولأنه مملوك فأشبه البهيمة، وعن أحمد: روايتان كالقولين.

فإنْ قلنا بالقديم فللسيد الرجوع عنه متى شاء، وليس للعبد التصرف فيه إلاَّ بإذن السيد، وله أن يشتري الجارية التي ملكها أباه إن أذن له فيه، وعن الأستاذ أبي إسحاق: منعه لضعف الملك، وإن لم يأذن له في الشراء فليس له ذلك، وفيه وجه، ولو كان له عبدان فملك كل واحد منهما صاحبه، فالحكم لِلتَّمليك الثاني، وهو رجوع عن الأول


(١) أخرجه البخاري ٢٣٧٩، ومسلم ١٥٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>