الثانية: لو قال: بِعْتُك هذا بالألْف، فقال: بل وَهَبْتنيه، فلا تحالف إذ لم يتفقا على عقد، ولكن يحلف كل واحد منهما على نفي ما يَدَّعيه صاحبه، فإذا حلفا فعلى مدعي الهِبَة رده بزوائده، هذا هو المَشْهُور ووراءه شيئان.
أحدهما: عن صاحب "التقريب" رواية قول أن القول قول مدعي الهِبَة، لأنه مالك باتفاقهما وصاحبه يدعي عليه، والأصل براءة ذمته عنه.
والثَّانِي: أطلق في "التتمة" وَجْهًا أنهما يتحالفان، وادَّعى أنه الصحيح، ولو قال: بعتك هذا بِألْف فقال بل وَهَبْتنيه حلف كل واحد منهما على نفي ما يدعيه صاحبه، ورد الألف واسترد العَين، ولو قال: رهنتكه بألف استقرضته، فقال: بل بعتنيه بألف، فالقول قول المالك مع يمينه وترد الألف، ولا يمين على الآخر، ولا يكون رهناً؛ لأنه لا يدعيه قاله في "التهذيب".
قال الرَّافِعِيُّ: القسم الثَّاني: أن يختلفا من غير الاتِّفَاق على عقد صحيح بأن يدّعي أحدهما صحة العَقْد، والآخر فساده كما إذا قال: بعتك بألف، فقال المشتري: بل بألف وزِقّ خمر أو قال أحدهما: شرطنا في العقد شرطاً مفسداً، وأنكر الآخر فلا تحالف، وفيمن القول قوله وجهان:
أصحهما عند صاحب "التهذيب": أَن القول قول من يدعي الفساد مع يمينه" لأن الأصل عدم العقد الصَّحِيح، وبقاء الملك للمالك، وصار كما لو اختلفا في أصل البيع.
وأصحهما عند المصنف، وهو اختيار الشيخ أبي حامد، وابن الصباغ: أن القول قول من يدعي الصِّحة؛ لأن الظاهر من العقود الجارية بين المسلمين الصِّحة، واحتج لهذا الوَجْه بنصه في البُويطيّ فيمن أسلم إلى رجل في طعام واختلفا فادعى المُسَلّم إليه أنه شرط فيه الخيار، وأنكره المسلم أن القول قول المسلم مع يمينه، وأيضاً فلو قال: هذا الذي يعتنيه حر الأصل، وقال البائع: بل هو مملوك، فالقول قول البائع وذكر الأئمة تخريج الوجهين على أصلين:
أحدهما عن القاضي أبي الطيب: أن أصل الوَجْهَين قولان للشَّافعي -رضي الله عنه- فيمن تكفَّل برجل ثم اختلفا، فقال تَكَفَّلت على أن الخِيَار ثلاثاً، وأنكر المكفول