للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثَّاني: لا يجبر لأنه ينكر ملكه فيه، فعلى هذا يقبضه الحاكم وينفق عليه من كَسْبه، فإنْ لم يَكُنْ له كسب، ورأْى الحَظَّ في بيعه وحفظ ثمنه فعل، ولو أنفقا على المبيع والثمن، واختلفا في شرط الخيار أو قدره أو شرط الرهن بالثمن أو الكفيل أو شرط الأجل أو قدره، جرى التحالف أيضاً، خلافاً لأبي حنيفة وأحمد حيث قالا: الاختلاف في شروط العقد لا يقتضي التَّحَالف، ولكن القول قول من منعها (١).

لنا إطلاق الأخبار السَّابقة، والرِّوَاية المذكورة في الكتاب، ولا تخفى المواضع المستحقة للعلامات من ألفاظ الكتاب.

قال الغزالي: وَيَجْرِي فِي كُلِّ مُعَاوَضَة، كَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ العَمْدِ، وَالخُلْعِ، وَالنِّكَاحِ، وَالإِجَارَةِ، وَالمُسَاقَاةِ، وَالقِرَاضِ، وَالجَعَالَةِ، وَلَكِنَّ أَثَرَهُ فِي بَدَلِ الدَّمِ وَالبُضْعِ الرُّجُوعُ إلَى بَدَلِ المِثْلِ لاَ فَسْخُ الخُلْعِ وَالنِّكَاح، وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُ هَذَا مِنِّي فَقَال: لاَ بَلْ بِعْتُهُ فَالقَوْلُ قَوْلُهُ فِي أَنَّهُ مَا وَهَبَ، وَلَمْ يَتَحَالَفَاَ إِذْ لَمْ يتَّفِقَا عَلى عَقْدٍ.

قال الرَّافِعِيُّ: في الفصل مسألتان:

إحداهما: أن التَّحَالف لا يختص بِالمُبَايعات، بل يجري في سائر عقود المُعَاوضات من السّلم والإِجَارة والمُسَاقَاة والقِرَاض والجَعَالَة والصلح عن الدم والخُلْع والصَّداق والكتابة طرداً للمعنى، ثم في البيع ونحوه يُفسخ العقد بعد التحالف، أو ينفسخ ويترادَّان كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وفي الصُّلْح عن الدَّمِ لا يعود استحقاق، بل إنَّ التحالف في الرجوع إلى الدِّيَة، فكذلك لا يرتدّ البُضع، ولكن في النكاح ترجع المرأة إلى مهر المثل، وفي الخُلْع يرجع إليه الزوج، وسيعود ذكر هذا الكلام في كتابيهما، ثم ذكر الإمام -قدس الله روحه- في هذا الموضع إشكالاً. فقال: أي معنى للتحالف في القِرَاض مع أنه جائز، وكل واحد منهما بسَبِيْل من فسخه بكل حال، وأيد ذلك بأن القاضي الحسين منع من التحَالف في البَيعَ في زمان الخِيَار ومكانه لإمكان الفسخ بسبب الخيار، وأجاب بأن التَّحَالف ما وُضع للفسخ، ولكن عُرضت الأَيْمَان رجاء أن ينكل الكاذب، فيقرر العَقْد بيمين الصَّادق، فإذا لم يتفق ذلك وأصرَّا فُسخ العقد لِلضَّرورة، ونازع القاضي فيما ذكره لإِشْكَالاَت قررها، ثم مال بالآخرة إلى موافقته، ورأى في القِرَاض أن يفصَّل، فيقال: التحالف قبل الخوض في العمل لا معنى له، وأما بعده فالنزاع يؤول إلى مقصود لا خيرة فيه من ربح أو أجر مثل، فيتحالفان والجَعَالَةُ كالقِرَاضِ.


(١) في ب: نفيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>