للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك في الصَّرْف، ولو باع ديناراَ بدينار أو بدراهم في الذمة ثم عين وسلم في المجلس جاز.

ولو باع طعاماً بطعام في الذمة ثم عين وسلم في المجلس فوجهان:

أحدهما: المنع؛ لأن الوصف فيه يطول بخلاف الصَّرْف، فإِنَّ الأمر في النُّقُود أهون؛ ولهذا يكفي فيها الإطلاق ولا يكفي في العروض.

والثاني: الجواز، ويصفه كما يصف السلم فيه، والأشبه بكلام الشيخ أبي علي والأئمة أن هذا أظهر، وظَنِّي أنه تقدم ذكر هذا الخلاف أو نظيره، ولو قبض رأس المال ثم أوْدَعه المُسلم إليه قبل التفرق جاز. ولو رده عليه بِدَيْن كان له عليه.

قال أبو العباس الرُّوِيانيُّ: لا يصح؛ لأنه تصرف منه قبل انْبِرام مِلْكِه عليه، فإذا تفرقا، فمن بعض الأصحاب أنه يصح السَّلَم بحصول القبض، وانْبِرَام المِلْك ويستأنف إقباضه للدَّين، ولو كان له في ذِمَّة الغَيْرِ دَرَاهم فقال: أسلمت إليك الدراهم الَّتِي في ذمتك في كذا، نظر إن شرط الأجل فيه فهو باطل؛ لأنه بيع الدَّين بالدَّيْن، وإن كان حالاَ ولم يسلم المسلم فيه قبل التفرق فكمثل، وإن أحضره وسلمه فوجهان:

أحدهما: يصح، كما لو صالح من تلك الدراهم على دنانير وسلّمها في المجلس.

وأظهرهما: المنع؛ لأن قبض المسلم فيه ليس بشرط وإن كان السلم حالاً فلو وجد لكان متبرعاً به، وأحكام البيع لا تُبْنَى على التَّبرعات، أَلاَ تَرَى أنه لو باع طعاماً بطعام إلى أجل ثم تبرعا بالإحضار لم يجز. وأطلق صاحب "التتمة" الوجهين في أن تسليم المُسَلم فيه في المجلس وهو حال هل يغني عن تسليم رأس المال؟

والأظهر: المنع.

ولا يجوز أن يحيل المسلم برأس المال على غيره، وإن قبضه المسلم إليه من المحال عليه في المجالس؛ لأن بالحِوَالَة يتحوَّل الحق إلى ذمة المُحَال عليه، فهو يؤديه من جهة نفسه لا من جهة المُسَلم ولو قبضه المُسَلم وسلمه إلى المسلم إليه جاز، ولو قال للمحال عليه: سلّمته إليه، ففعل لم يَكْفِ لصحة المسلم؛ لأن الإنسان في إزالة ملكه لا يصير وَكِيلاً للغير، لكن يجعل المسلم إليه وكيلاً عن المسلم في قبض ذلك، ثم السَّلَم يقتضي قبضاً ولا يمكنه أن يقبض من نفسه، ولو أحال المسلم إليه برأْس المال الَّذِي على المسلم فتفرقا قبل التسليم فالعقد باطل، وإن جعلنا بالحِوَالة قبضاً؛ لأن المعتبر في السَّلَم القبض الحقيقي، ولو أحضر رأس المال، فقال المسلم إليه: سلمه إليه ففعل صح، ويكون المحتال

<<  <  ج: ص:  >  >>