للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القولين، فوجه الجواز الشبه بالحيوانات، ووجه المنع أن الوَزْن لا يكفي فيها لكون الكبر مقصوداً منها، فتلحق بالمعدودات، ولا يجوز السَّلَم فيها بالعَدِّ كما سبق، وفي لفظ "المختصر" إِيْمَاء إلى هذا الكلام، فإنه قال: وأرى الناس تركوا وزن الرُّؤوس؛ لما فيها من الصُّوف وأطراف المَشَافِر والمَنَاخِر وما أشبه ذلك؛ لأنه لا يؤكل.

قال الغزالي: وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي اللَّبَنِ، والَسَّمْنِ، وَالزُّبْدِ، وَالمَخِيضِ وَالوَبَرِ، وَالصُّوفِ، وَالقُطْنِ، والإِبْرَيْسَم، وَالغَزْلِ المَصْبُوغِ وَغَيْرِ المَصْبُوغِ، وَكَذا فِي الثِّيَابِ بَعْدَ ذِكْرِ النَّوْعِ وَالدِّقَّةِ وَالغِلَظِ وَالطُّولِ وَالعَرْضِ، وَكَذا في الحَطَبِ والخَشَبِ، وَالحَدِيدِ، وَالرَّصَاصِ، وَسَائِرِ أَصْنَافِ الأَمْوَالِ إِذَا اجْتَمَعَتِ الشَّرَائِطُ الَّتِي ذَكْرَنَاهَا.

قال الرَّافِعِيُّ: في الفصل صور:

إحداها: يجوز السلم في اللَّبن، ويبين فيه ما يبين في اللحم، سوى الأمر الثَّالث والسَّادس، ويبين نوع العلف لاختلاف الغَرض بذلك، ولا حاجة إلى ذكر اللون ولا إلى ذكر الحلاوة، فإن أطلق ينصرف إلى الحُلو، بل لو أْسلم في اللَّبن والحامض لم يجز؛ لأن الحموضة عيب فيه، ولو أسلم في لبن يومين أو ثلاثة فإنما يجوز ذلك إذا بقي حُلواً في تلك المدة، وفي السَّلَم في السمن ما يبين في اللبن، ويذكر أنه أبيض أو أصفر.

وهل يحتاج إلى التعرض للحديث والعتيق؟

قال الشيخ أبو حامد: لا، بل العَتيْق معيب لا يصح السَّلم فيه.

وقال القاضي أبو الطيب: العَتِيق المتغير هو المعيب لا كل عتيق فيجب البيان، وفي الزُّبْد يذكر مثل ما في السَّمن، ويذكر أنه زبد يومه أو أمسه، ويجوز السلم في اللبن كيلاً ووزناً، لكن لا يكال حتى تسكن الرَّغْوة، ويوزن قبل سكونها، وكذا السَّمْن يكال ويوزن، إلاَّ إذا كان جامداً يتجافى في المكيال فيتعين الوزن، وليس في الزُّبْد إلاَّ الوزن، وكذا في اللّباء المجفف، وقبل الجفاف هو كاللبن، وإذا جوزنا السَّلَم في الجبن وجب بيان نوعه وبلده وأنه رطب أو يابس.

وأما قوله: (والمَخِيض) فاعلم أن المَخِيض الذي فيه ماء لا يجوز السلم فيه، نص عليه الشافعي -رضي الله- عنه- وقد أدرجناه في أثناء المُخْتَلطات، فالذي ذكره محمول على ما إذا مخض اللبن من غير ماء وحينئذٍ فوصفه بالحُمُوضة لا يضر؛ لأن الحموضة مقصودة فيه.

الثانية: إذا أسلم في الصوف قال: صومه بلد كذا لاختلاف الغَرَض به ويبين لونه وطوله وقصره، وأنه خَرِيفي أو ربيعي، فالخريفي أنظف، وأنه من ذكور أو إناث فصوف الإناث أشد نُعُومة واستغنوا بذلك عن ذكر اللين والخشونة، ولا يقبل إلا نَقِيّاً من الشوك

<<  <  ج: ص:  >  >>