للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُسْلم، وفي الفصل مسائل: إحداها: أداء القَرْض في الصفة والزمان والمكان، كما ذكرنا في المسلم فيه، نعم لو ظَفَر بالمستقرض في غير مكان الإقراض، وكان المال مما لنقله مؤنة، فلا خلاف في جواز مطالبته بالقيمة، ثم لو إذا أخذها واجتمع في مكان الإِقْرَاض فهل له رد القيمة والمطالبة بالمثل؟ وهل للمستقرض مطالبته برد القيمة؟

فيه وجهان، والقيمة التي يطالبه بها هي قيمة بلد الإقراض يوم المطالبة، وكذا في السَّلْم يطالب بقيمة بلد العقد عند من جوز المطالبة بالقيمة.

الثانية: يجوز الاعتياض عن المقرض، وقد ذكر هذه المسألة مَرَّة.

الثالثة: ستعرف في "الغَصْب" أن المال ينقسم إلى مِثْلي وإلى مُتَقوم، فإذا استقرض مِثْلياً رد مثله، وإذا استقرض مُتَقّوماً، فوجهان.

أقيسهما، واختاره الشيخ أبو حامد: أنه يرد القيمة كما لو أتلف متقوماً على إنسان تلزمه القيمة.

وأظهرهما: أنه يرد المثل من حيث الصورة، واختاره الأكثرون؛ لما روي أَنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- "اسْتَقْرَضَ بَكْراً وَرَدَّ بَازِلاً" (١) والبَكْر الفَتِيّ من الإبل والبَازِل الذي له ثمان سنين.

وروي أنه -صلى الله عليه وسلم- "اسْتَسْلَفَ بَكْراً فَأَمَرَ بِرَدِّ مِثْلِهِ" (٢).

فإن قلنا بالأول: فالاعتبار بقيمة يوم القَبْض إن قلنا: يملك القرض في القبض.

وإن قلنا: يملك بالتصرف فبالأكثر من يوم القبض إلى يوم التصرف.

وفيه وجه: أن الاعتبار بيوم القبض، وإذا اختلفا في قَدْر القيمة أو في صِفَة المِثْل فالقول قول المستقرض.

قال الغزالي: ثُمَّ النَّظَرُ فِي رُكْنِ القَرْضِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ (أَمَّا رُكْنُهُ) فَمِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ صِيغَةٌ دَالَّةٌ عَلَيْهِ كَقَوْلهِ: أَقْرَضْتُكَ، وَفِي اشْتِرَاطِ القَبُولِ وَجْهَانِ، وَجْهُ المَنْعِ أَنَّ هَذِهِ إِبَاحَةُ إِتْلاَف بِعِوَضٍ وَهِيَ مُكْرَمَةٌ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ الرُّجُوعُ (م) عَنْهُ في الحَال، وَلاَ يَجُوزُ (م) شَرْطُ الأَجَلِ فِيهِ، وَأَمَّا المُقْرَضُ فَكُلُّ مَا جَازَ السَّلَمُ فِيهِ جَازَ قَرْضُهُ إِلاَّ الجَوَارِي فَفِيهَا قَوْلاَنِ


= الاقتراض كما لو علم صرفه في معصيته وفي باب الشهادات من الروضة أنه يجوز الاقتراض لمن علم لنفسه القدرة على الوفاء فإن علم العجز لم يجز إلا أن يعلم صاحب المال أنه عاجز عن وفاء ما افترضه ولا يحل له أن يظهر الغنى ويخفي الفاقة عن المقرض كما لا يجوز إخفاء الغنى وإظهار الفاقة عند أخذ الصدقة.
(١) أخرجه مسلم (١٦٠٠).
(٢) هو بعض الحديث المذكور.

<<  <  ج: ص:  >  >>