للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْصُوصَانِ، وَالقِيَاسُ الجَوَازُ، وَمَا لاَ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ إِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ يَرُدُّ فِي المُتَقَوَّمَاتِ القِيمَةَ فَيَصِحُّ أَيْضاً إِقْرَاضُهُ.

قال الرَّافِعِيُّ: عد حجة الإسلام -رحمه الله -تعالى أركان القرض ثلاثة كما فعل في "البيع"، وهي الصِّيغة، والمُقْرض، والمقرَض، لكن أهمل هاهنا ذكر المقترض لوضوح حاله، والعلم بأنه لا يصح الإقراض إلاَّ من جائز التَّصرف، ويعتبر فيه أهْلِيّة التَّبرع؛ لأن القرض تبرع أو فيه شَائِبَة التَّبرع، (١) أَلاَ تَرَى أنه لا يقرض الولي مال اليتيم (٢) إلاَّ لضرورة؟ ولذلك لا يجوز شرط الأجل؛ لأن المتبرع ينبغي أن يكون بالخيار في تبرعه، وإنما يلزم الأَجل في المُعَاوضات.

وأما الصيغة فالإيجاب لا بد منه (٣)، وهو أن يقول: أَقْرَضتك أو أسلفتك، أو خذه بمثله، أو خذه واصرفه في حَوَائجك ورد بدله، أو ملكتك على أن تردَّ بدله، ولو اقتصر على قوله: "املَّكتكه" كان هبة، فإن اختلفا في ذكر البَدَل فالقول قول المخاطب (٤).

وأما القبول ففي اشتراطه وجهان:

أصحهما، ولم يورد المعظم سواه: أنه يشترط كما في البَيْع وسائر التَّمْليكات.

والثاني: لا يشترط؛ لأن القرض إِباحة إِتْلاَف على شرط الضَّمَان فلا يستدعي القبول، وادَّعى الإمام أن هذا أظهر (٥).

وقرب هذا الخلاف من الخلاف في أن القرض لم يملك بالقبض أو بالتصرف.


(١) أي، فلا يصح من المحجور عليهم ولا من المكاتب والولي إلا لضرورة. نعم يستثنى من كلامهم القاضي فإنه يجوز له قرض مال المحجور عليه من غير ضرورة على ما هو مذكور في الشرح والروضة في كتاب الحجر وعلله بكثرة انشغاله. وأما المقرض فيكفي فيه أن يكون أهلاً للمعاملات.
(٢) في ط: الطفل.
(٣) يستثنى من اشتراط الإيجاب والقبول في القرض صور منها: اللقيط المحتاج إذ أنفق عليه المسلمون كان له حكم القرض حتى يرجعوا به عليه بعد يساره في الأصح. ومنها، إذا أوجبنا إطعام الجائع وكسوة العاري كان سبيله سبيل القرض كما قاله الإمام حتى يرجع به الدافع بعد اليسار. ومنها: إطعام المضطر فإن الأصح أن للمطعم أن يرجع عليه.
(٤) قال النووي: وحكي وجه أن القول قول الدافع، وهو متجه، وفي التتمة وجه: أن الاقتصار على "ملكتكه" قرض.
(٥) قال النووي: وقطع صاحب التتمة بأن لا يشترط الإيجاب ولا القبول، بل قال الرجل أقرضتني كذا، أو أرسل إليه رسولاً فبعث إليه المال صح القرض، وكذا لو قال رب المال أقرضتك هذه الدراهم، وسلمها إليه ثبت القرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>