للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله في الكتاب: "وهي مكرمة" أراد به أن سبيله سبيل الميراث والتبرعات، لا سبيل المعارضات والمعاملات، أو فيه شَائِبَة من هذه وشائبة من هذه، ولهذا لم يجب التقايض فيه إذا كان المقرض ربوياً.

واحتج في الكتاب لهذا الأصل بشيئين:

أحدهما: أن للمقرض الرجوع عنه في الحال، وهذا سنذكره من بعد.

والثاني: أنه لا يجوز شرط الأجل فيه ولا يلزم بحال.

وقال مالك: يثبت الأجل في القرض ابْتَداء وانتهاء.

إما ابتداء: فبأن يقرضه مؤجلاً.

لماما انتهاء: فبأن يقرضه حالاً ثم يؤجله.

وأما المُقْرَض فالأموال ضربان:

أحدهما: ما يجوز السَّلم فيه، فيجوز إقراضه حيواناً كان أو غيره، نعم في إقراض الجواري قولان:

أحدهما، ويحكى عن المزني: أنه جائز، وهو القياس عند الإمام وصاحب الكتاب إلحاقًا للجواري بالعبيد.

وأظهرهما: المنع، لنهي السَّلَف عن إقراض الولائد.

قال الأصحاب: وهما مبنيان على الخلاف في أن القرض بما يملك، وفي كيفية البناء طريقان.

قال قائلون: إن قلنا: يملك بالقبض جاز إقراضها، وإلاَّ فلا، لما في إثبات اليد من غير المالك من خوف الوقوع في الوطء.

وعن الشيخ أبي علي أما إن قلنا: يملك بالقبض لم يجز إقراضها؛ لأنه إذا ملكها فربما يطؤها، ثم يستردها المُقْرِض فيكون ذلك في صورة إعارة الجواري للوطء، وإن قلنا: لا يملك بالقبض فيجوز؛ لأنه إذا لم يملكها لم يطأها، وفيما حكي عن نصه في الجديد رمز إلى هذه الطريقة.

وقوله: في الكتاب "قولان منصوصان" اقتدى فيه بالإمام، وكلام غيرهما لا يتعرض لكونهما منصوصين، بل العراقيون رووا عن نصه قديماً وجديداً المنع، ونقلوا الجواز عن بعض الأصحاب نقل الوجوه، ويشبه أن يكون مخرجاً على الأصل المذكور، وكيف ما كان فالخلاف مخصوص بالجارية التي تحل للمستقرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>