للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما المحرمة بنَسَبٍ أو رِضَاع أو مُصَاهَرَة فلا خلاف في جواز إقراضها منه (١).

الضَّرب الثاني: ما لا يجوز السَّلم فيه، كالَّلالئ الكبار وغيرها، فجواز إقراضه مبني على أن الواجب في المتقوّمات المِثْل أو القيمة.

إن قلنا بالأول لم يجز، لتعذر ضبطه حتى يوجد مثله.

وإن قلنا بالثاني جاز، وفي إقراض الخبز وجهان كما في السلم فيه:

أحدهما: لا يجوز، وبه قال أبو حنيفة، وهو الأصح عند صاحب "التهذيب".

والثاني: يجوز؛ به قال أحمد للحاجة العامة، وإطباق الناس عليه، وهذا ما اختاره ابن الصَّبَّاغ وغيره، ولا بأس لو رتب فقيل: إن جوزنا السلم فيه جاز إقراضه، وإلاَّ فوجهان للحاجة وقد أشار صاحب "البيان" إلى هذا الترتيب، ثم ذكر إنْ جوزنا قرضه وجب رد مثله وزناً، إن قلنا: يجب في المتقومات المِثْل من حيث الصُّورة، وإن قلنا: يجب فيها القيمة فالواجب القيمة، فإن شرطنا رد المثل ففي جوازه وجهان (٢).

ويجب أَنْ يكون المقرض معلوم القدر ليتاتى قضاؤه، ويجوز إقراض المكيل وزناً، والموزون كيلاً كما في السَّلم.

وعن القفال: أنه لا يجوز إقراض المكيل بالوزن، بخلاف السَّلَم فإنه لا يسوي بين رأس المال والمسلم فيه، وزاد فقال: لو أتلف مائة مَنٍ مِنْ الحِنْطة ضمنها بالكيل، ولو باع شِقْصاً مَشْفُوعاً بمثله بمائة من الحِنْطة، ينظر كما هي بالكيل فيأخذه الشفيع بمثلها كيلاً، والأصح في الكل الجَوَاز هذا إتمام الكلام في أركان القرض.

قال الغزالي: أَمَّا شَرْطُهُ فَهُوَ أَنْ لاَ يَجُرَّ القَرْضُ مَنْفَعَةٌ، فلَوْ شَرَطَ زِيادَةَ قَدْرٍ أَوْ صِفَةٍ فَسَدَ وَلَمْ يُفِدْ جَوَازُ التَّصَرُّف، وَلَوْ شَرَطَ رَدَّ المُكَسَّر عَنِ الصَّحِيح، أَوْ تَأَخِيرَ القَضَاءِ (م) لَغَا شَرْطُهُ وَصَحَّ القَرْضُ عَلَى الأَصَحِّ لإِنَّهُ عَلَيْهِ لاَ لَهُ، وَلَوْ شَرَطَ رَهْناً أَوْ كفِيلاً بِهِ جَازَ فَإِنَّهُ إِحْكَامُ عَيْنِهِ، وَلَوْ شَرّطَ رَهْناً بِدَيْنٍ آخَرَ فَسَدَ، وَلَوْ قالَ: أَقْرَضْتُكَ بِشَرْطِ أَنْ


(١) قال النووي: هذا الذي جزم به من جواز إقراض المحرم هو الذي قطع به الجماهير، وقال في (الحاوي) إن كانت ممن لا يستبيحها المستقرض بأن اقتراضها محرم، أو امرأة فوجهان، قال البغداديون: يجوز؛ وقال البصريون: لا يجوز، ويصرن جنساً لا يجوز قرضه.
(٢) قال النووي: قطع صاحب التتمة والمستظهري بجواز قرضه وزناً، واحتج صاحبا الشامل والتتمة بإجماع أهل الأمصار على فعله في الأعصار بلا إنكسار، وهو مذهب أحمد -رضي الله عنه- وأبي يوسف ومحمد وذكر صاحب التتمة وجهين في اقراض الخمير الحامض أحدهما الجواز لاطراد العادة وفي فتاوى القاضي حسين لا يجوز اقتراض الروية، لأنها تختلف بالحموضة قال: ولا يجوز إقراض المنافع، لأنه لا يجوز السلم فيها، ولا إقراض ماء القناة، لأنه مجهول.

<<  <  ج: ص:  >  >>