للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استعمال الماء النَّاقص، وإلا تعيَّنت القُرْعَة وإن اتفقا على القِسْمة جاز إن قلنا: يجب استعمال الماء الناقص، وإلا لم يجز فإنه تضييع، وإذا حضر جنب ومحدث نظر، إن كان ذلك الماء كافياً للوضوء دون الغسل، فالمحدث أولى إن لم توجب استعمال الماء الناقص، وإن أوجبناه فثلاثة أوجه:

أصحها: أن المُحْدِث أولى أيضاً؛ لأنه يرتفع حدثه بكماله.

والثاني: الجنب أولى لغلظ حدثه.

والثالث: يتساويان وتفريعه على ما سبق، وإن لم يكن ذلك كافياً لواحد منهما فالجنب أولى إن أوْجَبْنَا استعمال الماء الناقص لغلظ حدثه، وإلا فهو كالمعلوم وإن كان كافياً لكلّ واحد منهما، فننظر إن فضل شيء من الوضوء به ولم يفضل من الغسل فالجنب أولى إن لم توجب استعمال الناقص، لأنه لو استعمله المحدث لضاع الباقي (١)، وإن أوجبنا استعمال الناقص فثلاثة أوجه:

أصحها: أن الجنب أوْلى أيضاً؛ لغلظ حدثه.

والثائي: المحدث أولى بقدر الوضوء، والباقي للجنب مراعاة الجانبين.

والثالث: أنهما سواء، وإن فضل من كل واحد منهما شيء، أو لم يفضل من واحد منهما، فالجنب أولى لا مَحَالَة، وإن كان الماء الموجود كافياً للغُسْلِ دون الوضوء، ويتصور ذلك بأن يكون الجنب نِضْواً لخلقه، فقيد الأعضاء والمحدث ضَخْماً عظيم الأعضاء، فالجنب أولى أيضاً؛ لأنا إن لم نوجب استعمال الماء الناقص فالمحدث لا ينتفع به، وإن أوجبناه فحدث الجنب أغلظ: وإذا عرفت ما ذكرنا تبين لك أن أحوال المسألة أربع:

أن يكون الماء كافياً للوضوء دون الغسل؛ وأن يكون كافياً لكل واحد منهما؛ وأن لا يكون كافياً لواحد منهما؛ وأن يكون كافياً للغسل دون الوضوء، والظَّاهر تقديم المحدث في الحالة الأولى وتقديم الجُنُب فيما عَدَاهَا، فلذلك قال: والجُنُبُ أوْلَى من المحدث إلا أن يكون الماء قدر الوضوء فقط، وليكن المستثنى والمستثنى منه من هذا اللفظِ مُعْلَماً بالواو، لما حكيناه من التَّفْصِيل والخلاف.

وقوله: "قدر الوضوء فقط" إن كان المراد أنه قدر الوضوء دون الغُسْلِ فحسن، وإن كان المراد أنه لا يزيد على قدر الوضوء فهذا ليس بشرط في تصوير الحالة الأولى، بل إذا لم يكن كافياً للغسل وكان كافيًا للوضوء فالمحدث أولى، سواء زاد


(١) في ب: الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>