للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا سبباً خارجاً عما تقدمّ، وأما الكلام في أنه هل يقضي الصلاة إذا تبين أنه غير فاقد فذلك شيء آخر وراء جواز التيمم، واللاَّئِقُ ذكره في أحد موضعين، إما آخر سبب الفقد، وإما الفصل المعقود فيما يقضى من الصَّلوات المختلفة (١) ثم ذكر في هذا الفصل مسائل:

إحداها: لو نسي الماء في رَحْلِهِ، فتيمم على ظن أنه لا ماء عنده، ثم تبيَّن الحال فهل يلزمه قضاء الصلاة التي أداها به؟ نص في "المختصر" على وجوب الإعادة.

وعن أبي ثور قال: سألت أبا عبد الله عنها، فقال: لا إعادة عليه.

واختلف الأصحاب على طريقتين:

أظهرهما: وهو المذكور في الكتاب أن في المَسْأَلَةِ قَولينِ:

الجديد الصحيح: وجوب الإعادة، وبه قال أحمد؛ لأن مثل هذا الشّخص إما أن يكون واجداً للماء، أو لا يكون، إن كان واجداً فقد فات شرط التّيمم، وهو أن لا يجد، وإن لم يكن واجداً فسببه تقصيره، فتجب الإعادة كما لو نسي ستر العوْرَة، أو غسل بعض أعضاء الطهارة.

والقديم: أنه لا تجب الإعادة؛ لأن النِّسيان عذر حال بينه وبين الماء، فيسقط فرضه بالتيمم، كما لو حال بينهما سَبُعٌ وشبهوا هذا القول القديم في نسيان الترتيب في الوضوء ونسيان الفاتحة، وعن مالك روايتان كالقولين، وعند أبي حنيفة لا إعادة.

والطريقة الثانية: القطع بوجوب الإعادة، وتأويل ما نقله أبو ثور يحمل أبي عبد الله على مالك، أو تنزيل ما نقله على المسألة الثّانية التي نذكرها.

ولو علم المسافر أن في موضع نزوله بِئْراً فنسيها، وتيمم، وصلى، ثم تذكر، فعلى الطريقتين: ولو كان الماء يباع فنسي الثمن، وتيمم وصلى، ثم تذكر قال القاضي أبو قاسم بن كج: يحتمل أن يكون مثل نسيان الماء، ويحتمل غيره، والأوّل أظهر.

المسألة الثانية: لو أدرج الماء في رَحْلِهِ من غير شعوره به، فتيمم على اعتقاد أن لا ماء عنده، وصلَّى ثم تبيَّن الحال، ففي المسألة طريقتان:

إحداهما: طرد قول النسيان (٢) فيه، لكن الأصح هاهنا نفي الإعادة.


(١) قال النووي: بل له هنا وجه ظاهر، فإن من جملة صوره، إذا أضل راحلته أو ماءه، فهذا من وجه كالواجد، فيتوهم أنه لا يجوز له التيمم، ومن وجه عادم، فلهذا ذكره الغزالي في (الأسباب المبيحة) للإقدام على التيمم -والله أعلم- الروضة (١/ ٢١٦).
(٢) في ب: طريقان هاهنا بخلاف سورة النسيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>