آخر، وهل يحتاج إلى الإذن في القبض تفريعاً على الوجه الأول؟ نظر إنْ كان الثمن حالاً ولم يُوَفِّهِ لم يحصل القبض إلاَّ إذا أذن البائع فيه، فإن وَفَّاه أو كان مؤجلاً فعن الشيخ أبي علي رواية طريق أنه كالرَّهْن. والمشهور: أنه لا يحتاج إليه.
والفرق أنَّ البيع يوجب القبض، فدوام اليد يقع عن القبض المستحق ولا استحقاق في الرَّهْن. ونعود إلى ما يتعلّق بلفظ الكتاب قوله:(قولان بالنقل والتخريج) المشهور عند مثبتي القولين في العقدين أنهما حاصلان عن ضرب أحد النَّصَّين بالآخر، على ما هو سبيل النَّقْل والتَّخْرِيج، وروى ابْنُ عَبْدَان أنه نص في الهِبَة على قولين، فعلى هذا التصرف مخصوص بالرَّهْن.
وقوله:(لضعف الرَّهْن) أراد به ما ذكرناه من تقاعده عن إفادة المِلْك وقوله: (ثم لا بد من مضي زمان) مُعَلّم بالواو لوجه حرملة.
وقوله:(يمكن المسير) ولم يسر ينتظم فيهما السين والصاد، ولفظ الشَّافعي -رضي الله عنه- في "المختصر" الصاد.
وقوله:(والأصح أنه لو باع من المودع) إلى آخره يمكن حمله على الخلاف المذكور، في أن مضي الزمان هل يعتبر؟ لكن الأقرب أنه أراد الخلاف المذكور في أن الإذن الجديد هل يعتبر؛ لأن إيراده في "الوسيط" مشعر به، وأيضاً فإنه لو حمل على الأول لكان اختياره على خلاف اختيار المُعْظَم لما ذكرنا أنهم اعتبروا الزمان، وعلى هذا فقوله:(مجرد البيع) لم يرد التَّجَرُّد المطلق، وإنما أراد البَيْعَ المجرد عن الإذن الجديد.
قال الرَّافِعِيُّ: إذا رهن المالك ماله من الغَاصِب أو المُسْتَعِير أو المُسْتَأجر أو الوكيل صح الرَّهْن، والقول في افْتِقَار لزومه إلى مضي زمان يتأتَّى فيه القبض (١)، وإلى إذن جديد في القَبْض على ما ذكرنا في رَهْن الوديعة من المودع، ومنهم من قطع في الغَصْب بافتقاره إلى إِذْن جديد؛ لأن يده غير صادرة عن إذن المالك أصلاً، ثم الرَّهْن من الغاصب لا يبرئه عن ضَمَان الغَصْب، وإنْ تَمَّ ولزم خلافاً لأبي حنيفة وهو اختيار
(١) أي المرهون كنظيره في البيع؛ لأنه لو لم يكن في يده لكان اللزوم متوقفاً على هذا الزمان وابتداء زمن إمكان القبض من وقت الإذن فيه لا العقد.