وفيه وجه: أنه لا يصحّ أيضاً؛ لأنه توكيل فيما يتعلق بحقه، فعلى هذا لا يصح توكيله ببيعه أصلاً، ويتفرع عليه أنه لو شرط ذلك في ابتداء الرَّهْن، فإنْ كان الرَّهْن مشروطاً في بيع فالبيع باطل، وإنْ كان رهن تبرع فعلى القَوْلَين في الشروط الفاسدة التابعة للمرتهن أنها هل تبطل الرَّهْن؟
وعلى الأول، وهو المذهب في نَصّ لفظ الرَّهْن في الإذن تفصيل مذكور في الكتاب من بعد.
وإذن الوارث لِغُرَمَاء الميت في بيع التركة، كإذن الرَّاهن للمرتهن، وكذا إذن السيد للمجني عليه في بيع العبد الجاني، قاله الشيخ أبو حامد، والله أعلم.
واعلم أن صاحب الكتاب قَدّر صحة البيع في المُرْتَهِن مفروغاَ منه متفقًا عليه، وتكلم في أنه لا يستقل به المُرْتَهن، كذلك ساق الإِمَام وأول النص الذي سبق على شيء آخر سنذكره إنْ شاء الله تعالى.
الثانية: إذا وضعا الراهن عند عدل بشرط أن يبيعه عند المحل جاز، ثم في اشتراطه مراجعة الراهن، وتجديد إذنه عند البيع وجهان:
أحدهما، وبه قال ابن أبي هريرة: يشترط، لأنه قد يكون له غرض في اسْتِبْقَاء المرهون، ويريد قضاء الحق من غيره.
وأصحهما: عند الإمام وصاحب الكتاب، وبه قال أبو إسحاق: لا يشترط، لأن الأصل دوام الإذن الأول.
وأما المرتهن فجواب العراقيين: أنه لا بد من مراجعته ويحصل إذنه ثانياً، ولم يجروا فيه الخلاف، ووجهوه بأن المرهون إنّما يباع لإيصال حقه إليه، وذلك يستدعي مطالبته بالحق، فيراجع ليعرف أنه مطالب أو ممهل أو مبرأ.
وقال الإمام: لا خلاف في أنَّ المرتهن لا يراجع؛ لأن غرضه تَقْوية الحَقّ بخلاف الراهن، فإنه قد يستبقي العين لنفسه، فتأمل بعد إحدى الطرفين عن الأخرى.
ولو عزل الرَّاهن العدل قبل البيع انعزل، وبه قال أحمد كسائر الوكلاء في سائر الأَعْمَال. وقال مالك وأبو حنيفة: لا ينعزل ولو عزله المُرْتَهن فوجهان:
أحدهما: وهو ظاهر النَّص: أنه ينعزل كما لو عزله الرَّاهن؛ لأنه يتصرف لهما جميعاً.
وأظهرهما: وبه قال أبو إسحاق: لا ينعزل؛ لأنه وكيل الراهن، إذ المرهون له، وإذن المرتهن شرط جواز التَّصرف، ولا كلام في أنه لو منعه من البيع لم يبع، وكذلك لو مات أحدهما.