أخذت القيمة ووضعت عنده، هكذا ذكره الأكثرون وفرقوا بينه وبين ما إذا كان مأذوناً في بيعه حيث لا يتمكّن من بيع القيمة المأخوذة بأن المأذون في بيع شيء لا يكون مأذوناً في بيع بدله والمُسْتَحْفِظ في شيء يكون مستحفظاً في بدله، وهذا غير محل السلام ولضعفه ذهب الإمام إلى أنه لا بد من استحفاظ جديد، وقياسه أن يقال: لو كان الرَّهْن في يد المُرْتَهن فأتلف وأخذ بدله كان للراهن إِلاَّ يرضى بيده في البدل.
وقوله في الكتاب:(فإن تغير حاله بالفسق) لا يمكن صرف الكناية فيه إلى العدل في قوله: (ثم ليس للعدل تسليمه) لأن العدل لا يكون فاسقاً حتى يتغير حاله بالزيادة فيه، بل هي منصرفة إلى الثالث في قوله على يد ثالث وما أشبه ذلك.
قال الرَّافِعِيُّ: المُرْتَهِن يستحق بيع المَرْهُون عند الحاجة، ويتقدم بثمنه على سَائِر الغُرَمَاء، وإنما يبيعه الرَّاهِن أو وكيله بإذن المُرْتَهِن فلو لم يأذن المُرْتَهِن وإن أراد الرَّاهن بيعه وَأَبى المرتهن قال له القَاضي: آئذن في بَيْعِه، وخُذْ حَقَّك من ثمنه أو أبرئه، وإنْ طلب المُرْتَهن البيع وأبى الرَّاهن ولم يقبض الدين أجبره الحاكم على قضائه، أو البيع إما بنفسه أو بوكيله، فإن أصَرَّ باعه الحاكم، وعند أبي حنيفة لا يبيعه، ولكن يحبس الراهن حتى يبيع ولو كان الراهن غائباً أثبت الحال عند الحاكم حتى يبيعه، فإن لم تكن له بيّنة، أو لم يكنْ في البلد حاكم فله بيعه بنفسه، كما أنَّ مَنْ ظفر بغير جنس حقه من مال المديون وهو جاحد ولا بينة له أن يبيع ويأخذ حقه من ثمنه.
ثم في الفصل مسائل:
إحْدَاها: لو أذن الرَّاهن للمرتهن في بيعه بنفسه فباع في غيبة الراهن فوجهان:
أحدهما، وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد رحمهم الله تعالى: أنه يصحّ البيع، كما لو أذن له في بيع مال آخر.
وأصحهما: المنع؛ لأنه يبيعه لغرض نفسه، فيكون متهمًا في الاسْتِعْجَال وترك النظر، وإنْ باعه بحضوره صَحّ لانقطاع التُّهْمة هذا ظاهر النَّص، حيث قال: ولو شرط لِلْمُرْتَهِن إذا حلّ الحق أنْ يبيعه لم يجز أن يبيع لنفسه، إلاَّ بأن يحضر رب الرَّهْن.