أحد الأصلين: أن المرهون أمانة في يد المرتهن لا يسقط بتلفه شيء من الدين، ولا يلزمه ضمانه إلاَّ إذا تعدى فيه وبهذا قال أحمد.
وقال أبو حنيفة: هو مضمون بالأقل من قيمته أو الدَّيْن فإن كانت قيمته أقل سقط بتلفه من الدَّيْن بقدر قيمته، وإلاَّ سقط الدين ولا يضمن الزيادة.
وقال مالك: ما يظهر هلاكه كالحيوان والعَقَار والأشجار أمانة، وما يخفى هلاكه كالنُّقُود والعروض مضمون بالدين؛ لأنه يتهم فيه.
لنا أن بعض المرهون أمانة، فكذلك كله كالوديعة، وأيضاً فإن الرَّهْن شرع وثيقة لِلدَّين أيضاً في يد المرتهن، ولا يصير مضموناً عليه إلاَّ إذا امتنع من الرد بعد المطالبة.
وقال ابن الصباغ: ينبغي أن يكون المرتهن بعد الإبْراء كمن طيرت الرِّيح ثوباً إلى داره حتى يعلم المرتهن به أو يرده؛ لأنه لم يرض بيده إلاَّ على سبيل الوثيقة.
والأصل الثاني: أن كل عقد يقتضي صحيحه الضّمان، فكذلك فاسده، وما لا يقتضي صحيحه الضمان، فكذلك فاسده.
وأما الطرف الأول؛ فلأن الصحيح إذا أوجب الضَّمان فالفاسد أولى باقتضائه.
وأما الثاني؛ فلأن من أثبت اليد أثبته عن إذن المالك، ولم يلزم بالعقد ضَمَانًا، ولا يكاد يوجب التَّسْليم والتسلم إلاَّ من معتقدي الصحة. وأما الفروع فأربعة:
أحدها: لو أعار المرهون من المرتهن لينتفع به ضمنه وعند أبي حنيفة يخرج عن كونه مضموناً بناء على أنَّ العارية غير مَضْمُونة.
ولو رهنه أرضاَ وأذن له في الغِرَاس بعد شهر، فهي بَعْدَ الشَّهْر عارية وقبله أمانة