أما إذا كانت مطاوعة فلا، لانضمام إذن المستحق إلى طواعيتها.
وأما إذا كانت مُكْرَهة فقولان:
أحدهما: أنه لا يجيب أيضاً؛ لأن مستحق الرَّهْن قد أذن، فأشبه ما لو زَنَتِ الحرة.
وأصحهما، وبه قال أبو حنيفة: يجب، لأن وجوب المهر حيث لا يجب الحَدّ حق الشرع، فلا يؤثر فيه الإذْن، كما أن المُفَوضة تستحق المَهْر بالدخول مع تفويضها، وإنْ كان قد أَوْلَدها بوطئه فاَلولد حُرٌّ نسيب، وفي وجوب قيمة الولد طريقان:
أحدهما: أنه على القولين في المهر.
وأصحهما: الوجوب جزماً والفرق أنَّ الإذن في الوطء رضا بِإتْلاَف المنفعة، وليس رِضاً بالإحبال جزماً (١) وأيضاً فإِنَّ الإذن لا أثر له في حرية الولد، وإنَّمَا الموجب له ظن الواطئ فحسب، ولا تصير الجَارِية أم ولد للمرتهن بحال، وإنْ ملكها يوماً من الدَّهْر ففيه قولان، إذا كانت الصُّورة صورة ثبوت النَّسب.
وقوله في الكتاب: (فهو زان)، يمكن إعلامه بالحاء؛ لأنه لا حَدَّ عليه في رواية عن أبي حنيفة.
وقوله: (فإن ظن إباحته، فوطئ بالشبهة) غير مجرى على إطلاقه، بل المراد ما إذا كان حديث العَهْد بالإسلام أو من في معناه.
وأما قوله: (وفي وجوب المَهْر وقيمة الوَلَد وجهان) ففيه نظران:
أحدهما: أنَّ الخلاف في المهر قولان لا وجهان، وقد نص عليهما في "المختصر".
والثاني: أنه أجاب بطريقة إثبات الخلاف في القيمة، والأصح عند الأئمة الطَّريقة النافية للخلاف، ويجوز إعلام "القيمة" بالواو إشارة إليها.
فرع: زعم المرتهن بعد الوَطْء أن الراهن قد باعها منه أو وهبها وأقبضها، فأنكر الراهن فالقول قوله مع يمينه، فإنْ حلف فهي والولد رقيقان له، ثم لو ملكها يوماً من الدهر فهي أم ولد له والولد حُرٌّ لإقراره السَّابق، كما لو أقر بحرية عَبْد الغير، ثم اشتراه فإنْ نكل الرَّاهن وحلف المرتهن فالولد حر، وهي أم ولد له.
قال الغزالي: وَهَذِهِ الأَحْكَامُ تَثْبُتُ في عَيْنِ الرَّهْنِ وَبَدَلِهِ الوَاجِبِ بِالجِنَايَةِ عَلَى
(١) في ب بإتلاف المنفعة جزماً، وليس رضا بالأحيال.