القسم الأول: أن تتعلّق بأجنبي فيقدم حق المجني عليه؛ لأن حقه متعين في الرقبة، وحق المرتهن متعلق بذمة الراهن بالرقبة، وأيضاً فإن حق المجني عليه متقدم على حق المالك، فأولى أن يتقدم على حق المستوثق، ثم إنْ أوجبت الجناية القِصَاص واقتصى المجني عليه بطل الرَّهْن، وإنْ أوجبت المال أو عفا على مال بَيْع العبد في الجِنَاية، وبطل الرَّهْن أيضاً، حتى لو عاد إلى ملك الراهن، لم يكن رهناَ إلاَّ بعقد جديد.
ولو كان الواجب دون قيمة العبد بيع منه بقدر الواجب وبقي الباقي رهناً، فإن تعذَّر بيع البعض أو انتقص بالتَّشْقِيص بيع الكُلّ، وما فضل من الثمن عن الأَرْش يكون رهنًا، ولو عفا المجني عليه عن المال أو فداه الرَّاهن بقي العبد رهنًا كما كان، وكذا لو فداه المرتهن، ثم في رجوعه على الرَّاهن ما ذكرناه في رهن أرض الخراج، وعند أبي حنيفة ضمان جناية المرهون على المرتهن بناء على أن المرهون مضمون عليه، فإن فداه المرتهن بقي رهناً ولا رجوع له بالفداء، وإنْ فداه السيد أو بيع في الجناية سقط دين المرتهن، إنْ كان بقدر الفداء أو دونه، وهذا كله فيما إذا جنى العبد بغير إذن السيد، أما إذا أمره السيد بذلك، نظر إنْ لم يكن مُميزاً أو كان أعجمياً يعتقد وجوب طاعة السيد في كل ما يأمره به، فالجاني هو السيد وعليه القِصَاص أو الضَّمَان، وهل يتعلق المال برقبته؟
فيه وجهان يذكران في موضعهما والأظهر المنع.
وإذا قلنا يتعلق فبيع في الجناية، فعلى السيد أن يرهن قيمته مكانه، وإذا جنى مثل هذا العبد.
فقال السيد: أنا أمرته بذلك، لم يقبل قوله في حق المجني عليه بل يباع العبد فيها، وعلى السيد القيمة لإقراره، وإنْ كان العبد مميزاً يعرف أنه لا يطاع السَّيد فيه بالغاً كان أو غير بالغ، فهو كما لو لم يأذن السَّيد إلاَّ أنه يأثم بما فعل، وإذا عرفت ما ذكرناه لم يخف عليك أن قوله (وبيع في الدين) أراد به دين الجِنَاية فإنَّ الغرض فيما إذا نسبت الجناية إلى السَّيد وإلاَّ فلا يكون الفوات بغير بدل.