فَلِمرْتَهِنِ القَتِيلِ أَنْ يَطْلُبَ بَيْعَهُ فِي حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ القَتِيلُ أَيْضاً مَرْهُونًا عِنْدَهُ فَهُوَ فَوَاتٌ مَحْضٌ فِي حَقِّهِ إلاَّ أَنْ يَكُونَ القَتِيلُ مَرْهُونًا بِدَيْنٍ آخَرَ يُخَالِفُ هَذَا الدَّيْنَ فَلَهُ بَيْعُهُ وَجَعْلُ ثَمَنِهِ رَهْناً بِالدَّيْنِ الآخَرِ.
قال الرَّافِعِيُّ: القسم الثاني: أن تتعلق الجناية بالسيد وفيه مسائل:
إحداها: إذا جنى العبد المرهون على طرف سيده عمداً فله القِصَاص لِلزّجر والانتقام، وهو أحوج إلى ذلك من الأجانب، فإن اقتص بطل الرَّهْن، وإنْ عفا على مال أو كانت الجناية خطأ، فعن ابن سُرَيْجٍ أنه يثبت المال، ويتوصل الرَّاهن به إلى فك الرَّهْن. والمذهب: أنه لا يثبت؛ لأن السيد لا يثبت له على عبده مال، ويبقى الرَّهْن كما كان، وإن جنى على نفسه عمداً فللوارث القصاص، فإن عفا على مال أو كانت الجناية خطأ، ففي ثبوت المال قولان منقولان عن "الأم".
أحدهما: يثبت؛ لأن الجناية هاهنا حصلت في ملك غير الوارث، فجاز أنْ يثبت له المال كما ثبت للأجنبي.
وأصحهما: أنه لا يثبت أيضاً؛ لأنه لو ثبت لثبت على مملوكه، والقولان عند ابن أبي هريرة والشيخ أبي حامد مبنيان على أن الدِّيَة تثبت للوارث ابتداء أم يتلقاها الوارث من القتيل؟
إن قلنا بالأول ثبت المال لاستفادته في جناية على الغير.
وإنْ قلنا بالثاني لا يثبت؛ لأنه لم يثبت للقتيل حتى يتلقى منه، وأبى الجمهور هذا البناء، وقالوا: قضية القولين أن لا يثبت شيء.
أما إذا قلنا بالتلقي فظاهر.
وأما إذا قلنا بالقول الآخر؛ فلأنه كما يمنع ابتداء إثبات المال للمالك في ماله دواماً وإنما يمتنع ابتداؤه للمالك ابتداء.
الثانية: لو جنى على طرف من يرثه السيد كأبيه وابنه عمداً، فله القصاص وله العفو على مال، ولو جنى خطأ ثبت المال، فإن مات قبل الاستيفاء وورثه السيد فوجهان:
أصحهما: عند الصيدلاني والإمام: أنه كما انتقل إليه سقط، ولا يجوز أن يثبت له على عبده اسْتِدامةٌ الدَّيْن، كما لا يجوز له ابتداؤه.
والثاني: وهو الَّذِي أورده العراقيون أنه لا يسقط، وله بيعه فيه كما كان للمورث، ويحتملى في الاسْتِدَامة ما لا يحتمل في الابتداء، وشبه الأصحاب الوجهين بالوجهين