نظر إنْ ذكر لإقراره تأويلاً، كما إذا قال: كنت أقبضته بالقول، وظننتُ أنه يكفي قبضاً، أو ألقى إلى كتاب على لسان وكيلي أنه أقبض، ثم خرج مزورًا أو قال: أشهدت على رسم القبَالَة قبل تحقيق القبض فله تحليفه، وإنْ لم يذكر تأويلاً فوجهان:
عن أبي إسحاق أنه لا يمكن من التَّحليف، ولا يلتفت إلى قوله الثاني لمناقضته الأول.
وقال ابن خَيْرَانَ وغيره: يمكن منه وهو ظاهر النّص: لأنا نعلم أن الوثائق في الغالب يشهد عليها قبل تحقيق ما فيها، فأي حاجة إلى تلفظه بذلك، وهذا أصح عند العراقيين والأول أصحّ عند المَرَاوِزَة، وهذا إذا قامت الحُجَّة على إقراره، أما إذا أقر في مجلس القضاء بعد توجه الدَّعْوى عليه، فعن الشيخ أبي محمد عن القَفّال: أنه لا يمكن من التَّحْليف، وإنْ ذكر لإقراره تأويلاً؛ لأنه لا يكاد يقر عند القاضي، إلاَّ عن تحقيق، وقال غيره: لا فرق لشمول الإِنكار، ولو شهد الشهود على نفس الإقباض، فليس له التَّحْليف بحال، وكذا لو شهدوا على إقراره، فقال: ما أقررت؛ لأنه تكذيب للشهود.
ولو كان الرَّهْن مشروطاً في البيع، فقال المشتري: وأقبضت، ثم تلف الرَّهْن، فلا خيار لك في البيع، وأقام على إِقْرَاره بالقبض حجة فأراد المرتهن تحليفه، فهو كما ذكرنا في إِقْرار الرَّاهن وطلبه يمين المُرْتهن، وقس على هذا ما إذا قامت البَيّنة على إقراره لزيد بألف، فقال: إنما أقررت وأشهدت ليقرضني، ثم إنه لم يقرضني فحلفوه وسائر النظائر.
وقوله في الكتاب:(فله أن يحلف المرتهن على نفيه)، قد أعلم بالواو؛ لأنه روى في "الوسيط" إذا كذب نفسه في إقراره ثلاثة أوجه: المنع المطلق، وتمكينه من التحليف مطلقاً، والفرق بين أن يذكر سبباً وتأويلاً، وبين أنْ يقول كذبت عمداً ولا يعتذر، لكن المنع المطلق قَلَّ مَنْ رواه.
وقوله:(على نفيه) أي على نفي ما يدعيه من التَّأْويل، وليس ذلك على معنى أنه يتعين محلفاً عليه، بل له تحليفه على القبض كما مر، وينبغي أن يكون التَّحْليف على نفي ما يدعيه من التَّأْويل فيما إذا نازعه المرتهن في تأويله ونفاه، أما إذا لم يتعرض له، واقتصر على قوله: قبضت، فيقنع منه بالحلف عليه.
وقوله:(فلا يسمع، ولا يمكن من التحليف) يجوز إعلامه بالواو؛ لأنه أراد ما إذا قال: كذبت عمداً ولم يعتذر بشيء، وقد بان الخلاف فيه.