للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثانية: رَهْنُ الجَارِية الموطوءة جَائِزٌ، ولا يمنع من التَّصَرُّفِ لاحتمال الحَمْلِ، فإذا رَهَنَ جاريةً فأتت بولد، ينظر إن كان الانفصال لدون سِتَّة أشْهُرٍ من يَوْمِ الوَطْءِ أو لأكثر من أَرْبِع سنين فالرهن بِحَالِهِ، والولد مَمْلُوكٌ له غَيْر لاَحِقٍ به، وإن كان لِسِتَّة أَشْهرٍ فأكثر إلى أرْبَع سنين فقال الرَّاهن: هذا الولد مِنِّي، وكنت وطئتها قبل لزوم الرَّهْنِ، نظر: إن صدقه الَمُرْتَهِن، أو قامت عليه بِهِ بَيِّنَة، فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ، والرَّهْنُ بَاطِلٌ، وللمرتهن فَسْخُ البيع الذي شرط فيه رَهْنها، وإن كذبه المرتهن ولا بينة، ففِي قَبُولِ إقْرَارِهِ لثبوت الاستيلاد قَوْلاَن، كما لو أقر بالعِتْقِ ونظائره، والتفريع كما مَرَّ، وعلى كل حال فالولد حُرٌّ ثابت النَّسَبِ عند الإمكان، ولو لم يُصَادِف وَلَدًا في الحَالِ وزعم الراهن أنها ولدت منه قَبْلَ الرَّهْن ففيه هذا التَّفْصِيلِ والخِلاَف.

وقوله في الكتاب: (وكل واحد من المرتهن أو المقر له مهما نكل فقد أَبْطَل حتى نفسه عن الغرم بنكوله هذا في حق المقر له) مُفَرَّعٌ على قول التغريم من قولي: الغرم بالحيلولة.

أما المرتهن فليس له غرم تفريعاً على قولنا: إنه لاَ يُقْبَل إقْرَارُ الرَّاهِنِ حتى يفرض بطلانه بنكوله، نعم على قولنا: يقبل إقرار الراهن ينتهي التفريع إلى أن يغرم له الرَّاهِنُ القِيمَة على رَأَيٍ كما سبق، وذلك هو الذي يبطل بنكوله، فإذا كان الأحسن أن يذكر هذا بعد التفريع على القولين جميعاً لا في آخر التفريع على الأَوَّلِ.

وقوله: (فهل للمرتهن تحليفه وجهان)، ذكرنا أن بعضهم رواهما قولين، وأن قوله: (قولان) في المسألة بعدها يرويهما بعضهم وجهين، والأولى أن يرويهما جميعاً قولين أو وَجْهَيْنِ، أو يروى في الأولى قولين وفي الثَّانية وجهين، فأما تفريع القولين على الوَجْهَيْنِ فمما يستبعد. وقوله: (مريداً أن المستولدة تحلف) أي: إذا فرعنا على أن المجني عليه يحلف في مسألة الجِنَايَة، فهاهنا يحلف المستولدة فإنها تَقَع في رُتْبَتِهِ، وفي العتق يحلف العبد (١).

فرع: لو أقر بجناية ينقص أَرْشُها عن قيمة العَبْدِ، ومبلغ الدين، فالقول في مقدار الأَرْشِ عَلَى الخِلاَفِ السَّابِقِ، ولا يقبل فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ؛ لظهور التهمة، وقيل: يطرد الخلاف فيه.

فرع آخر: لو باع عبداً، ثم أقر بأنه كان قد غَصبه أَوْ بَاعه، أو بأنه اشتراه شراءً فاسداً لم يلفت إلى قوله؛ لأنه إقرارٌ فِي مِلْكِ الغَيْرِ، والإقرار في ملك الغير مردود


(١) قال النووي: لو قرأ بأنه استولدها بعد لزوم الرَّهْن فإن لم ينفد استيلاده لم يقبل إقراره وإلاّ ففيه الوجهان السابقان في إقراره بالعتق أصحهما: يقبل. ينظر الروضة ٣/ ٣٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>