للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يجري في الجَص (١) وَالنُّورَةِ وغيرهما، واستبعدوا خلاف من خالف فيه.

وإذا كان كذلك فما الفرق بين الجص، والملح وكل واحد منهما ليس بتراب.

وقوله: "وبها يَصِيرُ ماء البحر مالحاً" ربما تجد في بعض النُّسَخَ ملحًا، ولا شك في أنه أفْصَحُ في اللغة قال الله تعالى: {وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} (٢) وورد المالح في لفظ الشافعي -رضي الله عنه- واعترض عليه معترضون، وزعموا أنه لا يصح في اللغة، واْجاب الأصحاب عنه وصححوه (٣)، هذا أحد الفروع.

الثاني: الأوراق إذا تناثرت في الماء وتروح الماء بها من غير أن يعرض (٤) لها عفونة واختلاط، فهذا ماء متغير بشيء مجاور فيبقى على طهوريته على أظهر القولين كما سبق، وإن تَعَفَّنَت واختلطت به ففيه ثلاثة أوجه:

أظهرهما: أنه لا يسلب الطهورية كالمتغير بالطين، والطُّحْلُبِ وسائر ما يعسر الاحتراز عنه.

والثاني: يسلب كسائر المتغيرات التي تلحق بالماء من خارج.

والثالث: وبه قال أبو زيد المَزوزِيُّ (٥) لا يسلب التغير بالخَرِيفِيِّ لغلبة التَّنَاثِرُ في الخريف بخلاف الربيعي، ولأن الأوراق الخريفية قد امتصت الأشجار رطوبتها وقرب


(١) بكسر الجيم وفتحها محرب، لأن الجيم والصاد لا يجتمعان في كلمة عربية من مواد البناء، ويتخذ من حجر الجير بعد حرقه. تحرير التنبيه ٤٨، المخصص ١٠/ ٦٢ - ٦٤، المصباح المنير ١/ ١٤٠، المعجم الوسيط ١/ ١٢٤.
(٢) سورة الفرقان (٥٣).
(٣) وكيف عائب هذا وقد ورد السماع به فقد قال الشاعر:
ولو أنها للمشركين تعرضت ... لاتخذوها بين أصنامهم ربًا
فلو تفلت في البحر والبحر مالح ... لأصبح ماء البحرمن ريقها عذب
انظر حاشية البجيرمي ١/ ٦٤.
(٤) في ب: تظهر.
(٥) محمد بن أحمد بن عبد الله الفاشاني بفاء وشين معجمة وبالنون المعروف بالمروزي ذو العلم والعمل، والطريقة التي لا عوج فيها، ولا خلل والقريحة التي هي محل القرائح، ويأتي من المعنى بكل غاد ورائح، شيخ الإسلام علماً وعملاً وورعاً وزهداً جاور بمكة سبع سنين. وأخذ عن أبي إسحاق المروزي، وعنه أخذ القفال المروزي، وكان من أحفظ الناس لمذهب الشافعي، وقال فيه إمام الحرمين في باب التيمم (إنه كان من أزكى الناس قريحة). ولد سنة إحدى وثلثمائة، وتوفي بمرو سنة إحدى وسبعين. قاله الشيخ أبو إسحاق وتبعه الووي في (تهذيبه) زاد ابن خلكان فقال في يوم الخميس الثالث عشر من شهر رجب. انظر الأسنوي ١٠٢٠، وطبقات العبادي ٩٣، طبقات الشيرازي ١١٥، وفيات الأعيان ٤/ ٢٠٨، تهذيب الأسماء واللغات ٢/ ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>