للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعَذْب، والكَدَرِ، والصَفِيِّ، وسائر الأنواع، "وَقَد تَيَمَّمَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِتُرَابِ الْمَدِينَةِ، وَأَرضُها سَبْخَة" (١).

وقد روي أن الشَّافعي -رضي الله عنه- قال في بعض المواضع في بيان ما لا يتيمم به: "ولا السَّبخُ ولا البَطْحَاءُ"، وليس ذلك باختلاف قول منه باتفاق الأصحاب، وإنما أراد به ما إذا كانا صَلْبَيْنِ لا غُبَار عليهما، فهما إذًا كالحجر الصّلب، ولو ضرب اليد على ثوب أو جدار، ونحوهما وارتفع غبار كفى فإنَّه تيمّم بالتراب.

وسئل القَاضِي الحُسَيْن (٢) عن تراب الأرضة (٣)، فقال: "ما أخرجته من الخَشَبِ لم يَجُزِ التيمم به، فإنه ليس بتراب، وإن أشبهه، وإن أخرجته من مَدَر جاز، ولا بأس باختلاطه بلعابها كالتُّراب المَعْجُونِ بالخَلِّ إذا جَفَّ يتيمَّم به، ولا يدخل تحت اسم التراب الزَّرْنيخِ، والنّورة، والجصّ، وسائر المعادن، فلا يجوز التَّيمُّم بها، وأغرب أبو


(١) سبخة الأرض سبخاً كانت ذات نزّ وملح، فهي سبخة، انظر المعجم الوسيط (١/ ٤١٤).
(٢) القاضي الحسين، وهو الإمام المحقق المدقق أبو علي بن محمد بن أحمد المروروزي، من أكبر أصحاب القفال. قال عبد الغافر: كان فقيه خراسان، وكان عصره تاريخاً به، وقال الرافعي في التدوين: إنه كان كبيراً غواصاً في الدقائق من الأصحاب الغر الميامين، وكان يلقب بحبر الأمة انتهى. وذكره النووي في (تهذيبه) فقال: وله (التعليق الكبير) وما أجزل فوائده وأكثر فروعه المستفادة، ولكن يقع في نسخه اختلاف، وكذلك في تعليق الشيخ أبي حامد توفي -رحمه الله- بعد صلاة العشاء ليلة الاربعاء، الثالث والعشرين من شهر الله المحرم، سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وسمع وحدث، راجع ترجمته في طبقات العبادي ص (١١٢) تهذيب الأسماء واللغات (١/ ١٦٤) طبقات الأسنوي (٣٦٦).
(٣) الأرضه: دودة بيضاء تشبه النملة تظهر في أيام الربيع، انظر لسان العرب (١/ ٦٢) (أرض).

<<  <  ج: ص:  >  >>